الأنصار يسلمون على زيد فلما رآهم قال : آه ، وأظهر وجع خاصرته ، وتألم وقال : ارفعوا عني الطعام فلا أقدر شم رائحته ، فرفعوه.
وقال : هاتوا الماء الحار والدرياق ، فجعل يتوجر به ويشربه قليلا قليلا ، فما انصرفوا حتى رحلنا ، ولم يأكل أحد معه شيئا. فلما كان من الغد ونزلنا ، دعا بالطعام فحين حضر إذا بجماعة من مشايخ قريش أتوا ليسلموا عليه ، فلما رآهم اعتل بالخاصرة ودعا بالدرياق والماء الحار ، فتوجز به ، ورفع الطعام ، فلما ذهبوا أمر بإعادته فأتي به وقد برد.
فقال : يا أشعب ، هل إلى إسخان هذا الدجاج من سبيل؟
فقال : يا مولانا نشدتك (1) بالله إلا ما أخبرتني عن دجاجك هذا ، أهم من آل فرعون حتى إنهم يعرضوا على النار بكرة وعشيا؟
فضحك ثم قال : كل ولا تتكلم فيما لا يعود عليك منه نفع.
وكان أشعب مع مجونه ونوادره ممن قرأ القرآن ، وروى الحديث عن جماعة من الصحابة.
وهو : أشعب بن جبير ، ويكنى أبو العلاء ، وزوجته بنت وردان الذي بنى قبر النبي حين بنى عمر بن عبد العزيز المسجد الشريف.
** سؤال :
حدث ابن المحسن الكاتب عن ابن خلاد قال : حدث أبو محمد بن الزناد عن عمه قال : قلت يوما للأمير نصر بن بسام وأنا أرى أكله وقد أعجبني طيب طعامه : يا مولانا ، هذه (2) الأطعمة تأمر الطباخ بطبخها أم (3) يطبخ من تلقاء نفسه؟
[قال] (4): إن في نفسي من لون لم يطبخه منذ ما هو / عندي وتعظم علي نفسي أني آمره به.
فقلت : وما هو؟
قال : زبرباجه طيبة من دجاج فائق .
صفحة ٣٢٣