241

الحصير ، فلم يجد غير النوى ولم يجد تمرة واحدة (1). فلما وصل إلى أهله حكى ما وقع له ، وكان رجل من مازن حاضرا.

فقال : صف لي هذا الرجل! فوصفه.

فقال : إنه هلال بن أسعد الشاعر ، واعلم أنه لو كان معك عشرة زوارق مملوءة لأكلهن ولكن أحكي لكم ما وقع لنا معه.

وذلك أن أبي لما زوجني أولم لعرسي فنحر جزورين (2) عظيمين ، وطبخ طعاما كثيرا ، فأول من قدم علينا هلال فسلم وجلس ، ثم قال لأبي : أين طعامك؟

فقال : دونك وإياه.

فقام وجلس حول الطعام ، وجعل يأكل من اللحم إلى أن فرغ من الجزورين وأنقى عظمها نقاء بينا. ثم التفت نحو الطعام ، فأكله وكان يكفي جيشا. وأكل من الخبز أربعمائة رغيف ، ونحن ننظر ما يفعل ، ولا نقول إلا خيرا خوفا من هجاء شعره ، وذكرنا بالقبيح بين الناس. ثم لما قام وجد عسا مملوء لبنا ، فقال : ما هذا؟

قلنا : لبنا.

قال : أو أشرب منه؟

قلنا : هو لك ، فافعل ما شئت.

فحمله بيديه ووضع فم القربة في فمه ولم يرفعها وفيها شيء.

ومع هذا كان رجلا شجاعا ، مقداما في الحرب ، له المواقف المشهورة.

** ومنهم عمرو [بن] معدي كرب الزبيدي :

دخل على عمر بن الخطاب يوما فقال له عمر : من أين أقبلت يا أبا ثور؟

فقال : من عند سيد بني مخزوم أعظمها هامة ، وأكملها قامة ، وأفضلها حلما ، وأقدمها سلما.

فقال عمر : ومن هذا؟

فقال : سيف الله ورسوله خالد بن الوليد المخزومي.

قال : فأي شيء صنعت عنده؟

قال : أتيته زائرا فدعا لي بفرس لركوبي وتودوا / بعيرا لضيافتي.

صفحة ٢٥٠