مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم °
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما °
الحمد لله الذي اقتضت حكمته وجود الخلق ° وتمييز العقول إتقان نظمه على معرفته دليل الصدق ° وأوقع به التكليف والإخلاص مجازي في دار الحق ° أرسل رسلا بكتب تتلى ° لينظر المتفكر ببصر واعتبار فينتفع بالذكرى ° فينتهي شاكرا مستبشرا بالإيمان وأي بشرى ° صلى الله عليهم وعلى سيدنا محمد صلاة دائمة في الدنيا ودار الأخرى.
أما بعد فلما كانت معرفة أحكام الله تعالى سبب السعادة الأبدية في الحسنى ° ومحتاجا إليها دينا ودنيا ° مع إنها لا تكاد فروعها تتناهى ° نيطت بأدلة كلية ° وعلل تفصيلية ظنية ° ليسنتبط منها الحاجة موصولا بمقدمات يرجعون إليها عند الاختلاف فسموها أصول الفقه ° وكان كتاب العدل المنسوب إلى الإمام الحافظ أبي يعقوب يوسف الوارجلاني أكمل ما صنفت أصحابنا فيه لكنه صعب المرام ° لكثرة الكلام ° استعنت الله في اختصاره ° مع فوائد من غيره ° وأرغب إليه أن يخلص لوجهه وان ينفع به ° وهو حسبي ونعم الوكيل.
المؤلف
مقدمة حد أصول الفقه
العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية .
صفحة ٧
العلم ادراك الشيء بحيث لا يحتمل النقيض خلافا لمن قال لا يحد ° وهو ضربان : قديم صفة ذات الله تعالى ° ومحدث إما متعلق بمفرد ويسمى تصورا ° وإما بنسبة ويسمى تصديقا ° وكل واحد منهما إما ضروري أو كسبي .
أما الأول فكالمشاهدة الباطنة ° والعقليات والحس الظاهر والتجربيات والمتواترات .
واما الثاني فكل مالا يحصل إلا بطلب وطرقه : إما حس ظاهر أو باطن وعقل أو نقل .
والكسبي هو النظري ° والنظر الفكر وهو الذي يطلب به علم أو ظن .
ومقدمات البرهان إن كانت قطعية فالنتيجة قطعية وإلا فظنية واعتقادية والاعتقاد وصول النفس إلى معنى يحتمل النقيض لو ذكر .
والظن رجحان المعنى المدرك عن النقيض .
والوهم رجحان نقيض المعنى المدرك .
والشك تساويهما .
والعقل جوهر بسيط لا يقبل التغيير ، والنفس جوهر بسيط يقبل التغيير ° وقيل العقل علوم ضرورية.
والدليل لغة المرشد .
وفي الاصطلاح ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري والدال الناصب للدليل وهو الله تعالى .
والدلالة تعيين اللفظ بإزراء المعنى لنفسه .
واللغة كل لفظ وضع لمعنى .
فصل
والصحيح إن ابتداء وضعها محتمل للتوقيف والمواضعة ° ورابعها القدر المحتاج إليه توقيف ° والباقي محتمل ° وقيل بالعكس ° وقيل دلالة الألفاظ لذواتها ° ولا خلاف في قياس ما ثبت تعميمه بالنقل أو بالاستقراء كالرجل ورفع الفاعل والصحيح ان غيرهما لا يثبت قياسا خلافا لابن شريج والباقلاني لان اللغة لا تثبت بالاحتمال أي لا يسمى مسكوت عنه باسم معنى لمعنى يستلزمه وجودا وعدما كالسارق للنباش للأخذ خفية .
صفحة ٨
فصل ان دل اللفظ على جزء معناه يسمى تضمنا وعلى خارج يسمى التزاما ° وعلى كماله يسمى مطابقة ° وينقسم ذا إلى مركب دال جزءه على جزء معناه ° فان أفاد نسبة فجمله ° وتكون من اسمين أو اسم وفعل ° قيل أو حرف كيا زيد و إلا رجلا في التمني ° ومفرد وهو مالا يدل جزءه على جزء معناه ° فان صلح لان يخبر به ودل بهيئته على زمان ففعل ° وإلا فاسم ° فان لم يصلح فحرف .
تنبيه
الفعل ما وجد مع الاستطاعة ° وأفعالنا خلق من الله واكتساب منا خلافا للمجبرة والقدرية .
وتنقسم إلى الاختيار ° والاضطرار والكراهية ° وفي الشرع إلى واجب ومندوب ومباح ومحظور ومكروه .
والاسم مشتق من السمو لا من السمة خلافا للكوفيين لرجوعه إليه في التصغير ° وإطلاقه على اللفظ مجاز ° وعلى المسمى حقيقة خلافا لقوم إلا في الألقاب ° ولا يسمى الباري باسم لقب . قالوا لنا : ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها . قالوا : ولله الأسماء الحسنى ° أجيب بان المراد بالجمع التسمية واللام كلام له علم لا للتمليك وأيضا ان تشخص معناه فعلم ويسمى جزئيا ° وان كثرت آحاده فكلي ذاتي كالجنس والفصل ° وعرض عام وخاص ° وتمام الماهية النوع فان استوت فمتواطي ° وان تفاوتت فمشكك ° وان تعددت حقيقة في كل واحد فمشترك ° وإلا فبغير مناسبة نقل ° وإلا فحقيقة ومجاز ° وان تعدد اللفظ فمترادف ° وان تعدد فمتباين ° وان كان احد المفردين أكثر آحادا فعام ° والآخر خاص ° وقد يمتنع وجود الأفراد خارجا ° ويمكن ° ويوجد واحد ويمتنع غيره ويمكن ° ويوجد كثير متناه وغير متناه .
صفحة ٩
فصل الأصح وقوع المشترك لنقل ايمة اللغة ° ولا يختل مقصود الوضع للقراين وللقصد إلى الإجمال خلافا لقوم ° وهو في القران خلافا لقوم ° كعسعس وقرء ° وفائدته الاستعداد للامتثال عند البيان فصل الأصح أيضا وقوع المترادف وفائدته التوسعة وتيسير النظم ° والأصح في عطشان نطشان ونحوه والحد والمحدود عدم الترادف ° لان الحد يدل على المفردات ° ونطشان لا يفرد ° والأصح وقوع كل واحد من المترادفات مكان الآخر .
فصل
الحقيقة اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاحات التخاطب ° والمجاز اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح ° وكل واحد اما شرعي أو عرفي أو لغوي ° ولابد في المجاز من علاقة اما السببية أو المسببية أو المشاركة في شكل أو صفة ظاهرة واما كونه عليها قبل أو يؤل إليها أو غير ذلك ويعرف بالنقل وبصحة نفيه وبمبادرة غيره لولا القرنية عكس الحقيقة ° وبعدم اطراده ولا عكس ° وبالتزام تقييده مثل جناح الذل ° وبتوقفه على غيره ° وبجمعه على خلاف جمع الحقيقة ولا عكس ° وينقسم إلى مركب عقلي ومفرد مرسل واستعارة ° ويمتاز عن الكذب بقرينة ° ولا يستلزم كل واحد من الحقيقة والمجاز الآخر على الأصح ° وإلا لكان للرحمن حقيقة وكذا عسى ° والأصح وقوعه خلافا للأستاذ ° وهو في القران خلافا للظاهرية ° وفائدته سهولة لفظه وعذوبته وغير ذلك ° وكلا المجاز والاشتراك خلاف الأصل ° وفي الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح ثالثها المعادلة ° ووجود الله حقيقة وكذا وجودنا خلافا للناشيء ° ووجوده أولي وواجب بخلاف وجودنا ° والتخصيص أولى من المجاز والإضمار والنقل والاشتراك ° والمجاز أولى من الباقية ثم الإضمار والنقل أولى من الاشتراك ° والتخصيص والإضمار راجعان إلى المجاز .
فصل
اللفظ الذي له معنى اما لا يحتمل غيره وهو النص ° ويحتمله مرجوحا وهو الظاهر ° أو راجحا وهو المتأول ° أو مساويا وهو المجمل .
صفحة ١٠
فصل الاشتقاق رد أحد اللفظين إلى الآخر لتناسبهما ° وشرط المشتق ان يوافق أصله في المعنى والحروف الأصلية قيل مع تغير ما ° وإطلاق المشتق على المستقبل مجاز ° وعلى الحال حقيقة ° وعلى الماضي ثالثها ان أمكن بقاء معناه فمجاز ° وإلا فحقيقة ° ونحو الأسود من المشتقات يدل على صفة مخصوصة وذات مبهمة لا مخصوصة ° ويشتق اسم الفاعل لمن ثبت له الفعل مطلقا سواء قام به كقائم أو لم يقم كخالق ومتكلم وقاتل خلافا لقوم ° وإلا لزم قدم العالم والتسلسل لان الخلق بمعنى المخلوق .
تنبيه
الكلام صفة توجب عدم الخرس وكلام الله صفة ذات له ومعناه ليس بأخرس وفعل له كتبه المنزلة ° وكذا قوله وأمره ونهيه خلافا لقوم ° وكلام البشر تقطيع الصوت بحرف أو حروف .
فصل المعرب واقع في القران خلافا لقوم لمنع صرف نحو إبراهيم للعجمة وضمير انا انزلناه للسورة ° وقوله اء عجمي أي لا يفهم .
فصل يشترط في دلالة الحرف على معناه ذكر متعلقة ° وهذا معنى لا يستقل بالمفهومية ° والواو لمطلق الجمع لا لمعية ولا ترتيب وانما للحصر .
صفحة ١١
الباب الأول المجمل مالا تتضح دلالته . وقد يكون في الفعل وفي المفرد كالمشتري والمختار ° وفي المركب ومرجع الضمير ومرجع الصفة وفي المجازات مع منع الحقيقة وفي تخصيص وصفة واستثناء مجهولات وفي النسق والابتداء والوقف والأصح وقوعه في القران والحديث خلافا لقوم نحو وآتوا حقه يوم حصاده ° ولا إجمال في التحريم المسند إلى الأعيان مثل حرمت علىكم أمهاتكم خلافا للكرخي والبصري لان العرف قاض بالمقصود منه ولا في نحو وامسحوا برؤسكم لثبوت الباء للتبعيض وهو المتبادر في مثله ° ولا في نحو رفع عن أمتي الخطأ والنسيان خلافا لبعضهم لظهور نفي المواخذة عرفا . وفي نحو لا صلاة إلا بطهور لظهور نفي الصحة شرعا ما لم تصرفها قرينة ° ولا في نحو فاقطعوا أيديهما ° ولا في محو الطواف صلاة لظهور الشرعية ° ولا في نحو اني إذا صائم ولا تصوموا يوم النحر خلافا لقوم فيهما وللغزالي في النهي ولمن قال في النهي لغوي .
فصل
البيان الدليل والمبين نقيض المجمل ويقع البيان ابتداء وبالقران للقران والسنة وبالظاهر وبالعموم ما لم يخصص وقيل ما لم يخصص بمتصل ° وقيل ما لم يفتقر حكمة إلى شرط وبالخاص وبالعقل وبالإجماع وبيان المجمل ° وبالسنة قولا وفعلا خلافا لبعضهم وان وردا بعد مجمل واتفقا فالأول بيان والثاني توكيد وان جهل المتقدم فاحدهما وقيل بتعيين غير الأرجح وان اختلفا فالمختارالقول مطلقا خلافا لأبي الحسن وان تعارض العموم وإخبار الآحاد والظاهر فالأولان أقوى من الظاهر كما سيأتي ان شاء الله تعالى ° والبيان أقوى من المبين لئلا يلغي الأقوى وفي التساوي تحكم .
مسألة
اجمع كل من منع تكليف ما يطاق على منع تأخير البيان عن وقت الحاجة ° واما إليها فثالثها ممتنع في غير المجمل ° وقيل بجواز التفصيلي لا الإجمالي ° وقيل ممتنع في غير بعض المخصصات عن بعض .
فرع يجوز خطاب المعدوم بواسطة المبلغ عند وجوده وخطاب الأعجمي بواسطة من يفهمه .
مسألة يمتنع العمل بالعموم قبل البحث عن المخصص .
صفحة ١٢
الباب الثاني في الأمر والنهي
مقدمة
التكاليف ألزام الله العبد ما يشق على النفس فعله الحكم خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء والتخيير أو الوضع فان كان طلب فعل غير كف تركه في جميع وقته سبب للعقاب فوجوب وان خص طلب الفعل بالثواب فندب ومقابلهما التحريم والكراهية والتخيير والإباحة والواجب والفرض مترادفان وهو ما تركه سبب للعقاب .
الأداء ما فعل في وقته المقدر له شرعا أولا . والقضاء ما فعل بعد وقته استدراكا والإعادة ما فعل في وقته ثانيا لخلل والصحة موافقة الأمر وقيل سقوط القضاء وهو معنى الإجزاء عند بعض هذا في الديانات . وفي المعاملات ترتيب أثر الشيء عليه واعتباره سببا لحكم آخر والفساد مقابلها تنبيه لا يحكم العقل بحسن شيء ولا قبحه في حكم الله تعالى بل الحاكم الشرع وليس التكليف من جهة المصلحة .
فصل
بعث النبي عليه السلام فبلغ ما بعث به إجماعا وفي عذر من كان على دين نبي ولم تبلغه الحجة ومن بلغه بعض أحكام الشرع خلاف ولا يسوغ ان يكلف الله العباد ولا مثوبة ولا عقوبة ويسوغ في العقل ان يجعل ثواب الطاعة ترك العقوبة أو عقوبة العاصي حرمان الأجر أو يجعل التكليف مؤبدا والجزاء بين خلاله أو الجزاء منقطعا كالتكليف أو إحدى المثوبتين منقطعة دون الأخرى خلافا للقدرية في منعهم دوام التكليف .
صفحة ١٣
واعلم ان الرسول عارف بالله قبل مبعثه . وشريعته ناسخة لما قبلها إلا التوحيد وليس متعبدا بشريعة عيسى أو نوح أو إبراهيم أو أولى العزم خلافا لزاعمي ذلك وأمر بأتباعهم في مكارم الأخلاق ° ويجوز ان يبعث الله الرسول حرا أو غيره أو رسولين بشريعة أو شريعتين إلى أمة أو أمتين أو رسولا بشريعة يختلف فيها حكم القبائل أو الانصاف أو رسولا يدعو من لم يكن على شريعة أو يدعو بعض أهل الشرائع دون بعض أو رسولا باجتهاد ورأي أو رسولين بهما أو رسولا بالخط والرؤيا أو يبعث بالصواع أو الفراسة أو منطق الطير أو الحشرات أو بغير واسطة كالتكليم والإلهام أو بعلم ضروري أو اكتسابي أو رسولا إلى غير العقلاء منهم أو من العقلاء وجزاؤها في الدنيا لا لتكليفها بل لمصالحها ولا يجوز ان يقبض الرسول قبل ان يبلغ أو الأمة قبل ان يصلها ولا رسولا بتكذيب أخر .
صفحة ١٤
فصل الفرض اما على الأعيان كالصلاة واما على الجميع ويسقط بالبعض وسمي فرضا على الكفاية وقد يستغرق الفعل المكلف به زمان الأداء كصوم رمضان وقد لا يستغرقه ويسمى موسعا ° ووقته وقت الأداء خلافا لمن قالت يجب الفعل والعزم في كل جزء على جزء منه وتعيين الفعل آخره ° ولمن قال وقته أوله ولمن قال آخره فان قدمه فنفل ( وقال ) الكرخي ان بقي المكلف على صفة التكليف ففرض وإلا فنفل وقد يكلف بواحد من أشياء غير معين ويسمى تخييرا وقيل الجميع واجب وقيل الذي يفعل وقيل واحد معين ويسقط به وبالأخر ولا تخيير في مختلف بين إباحة وندب ووجوب ولا بين ما يستحيل وجوده ويقع بين ما يمكن جمعه ومالا يمكن وما لا يتم الواجب إلا به مقدورا للمكلف غير شرط واجب خلافا لمن قال وشرطا ولمن قال إذا كان شرطا ومن قال فيهما وما التبس بالواجب كالخشوع في الصلاة واجب خلافا لمن قال ندب وليس في ترك المندوب معصية لانه غير مكلف به وفي فعله الثواب لانه مأمور به وفاقا للجمهور وأبي الربيع واختار المصنف قول عمروس ويشير انه غير مأمور به وبعض الواجبات والمندوبات أكد من بعض ° والمكروه منهي عنه والمباح غير مأمور به ° وشرط التكليف امكان المكلف به وفهم المكلف ° ولا يشترط في التكليف بالفروع حصول الايمان خلافا لبعضهم ° وينقطع التكليف حال حدوث الفعل خلافا للأشعري ° ويصح تكليف مع جهل الأمر والمأمور بانتفاء شرط الوقوع اتفاقا ° ومع علم الأمر خلافا للمعتزلة ° ويصح التكليف بما علم الله سبحانه ولا يقع إجماعا .
الفصل الأول: في الأمر
الأمر حقيقة في القول المخصوص وفي الفعل بالاشتراك وقيل بالتواطي وقيل مجاز في الفعل . وحده طلب فعل غير كف على جهة الاستعلاء وقد يكون بالإشارة وفي صورة الخبر وصيغته لتفعل وافعل وأمرتكم وانتم مأمورون وما أشبهه خلافا للأشعرية .
صفحة ١٥
فصل يرد افعل للوجوب وللندب وللتأديب وللإباحة وللإرشاد وللتهديد وللتسوية وللامتنان وللإهانة وللتمني وللاحتقار وللانذار وللإطلاق وللدعاء وللإذن وللالتماس وللإكرام وللتعجيز وللتكوين وللتعجيب ولكمال القدرة وللتسخير وهي حقيقة في الوجوب خلافا لمن قال في الندب ولمن قال مشترك بينهما وبين الإباحة ولمن قال للإذن المشترك بين الثلاثة للشيعة بينهما والتهديد لنا .
ما منعك ان تسجد إذا أمرتك ليحذر الذين يخالفون عن أمره ويشاع الاستدلال به على الوجوب وان وردت بعد الحظر فهي للإباحة خلافا لقوم وبعد الندب للوجوب وان عرى الأمر عن القراين دل على طلب الحقيقة لا على المرة ولا التكرار خلافا لزاعمي ذلك وقيل بالوقف وتكراره بلفظ مختلف والمتعلق يدل على تكرار الفعل المأمور به إلا ان صرفته قرينة وبلفظ متفق والمتعلق بغير نسق لا يدل على تكراره خلافا لقوم لان التأكيد فيه أكثر من التأسيس . والأصل براءة الذمة ° وبالعطف رجح التأسيس إلا ان منعته قرينة ° وان علق على قرينة ثانية تكرر بتكرارها وان علق على غيرها فالمختار لا يتكرر إلا بقرينة ككلما ° وأيضا لا يدل على فور ولا تراخ خلافا لزاعمي ذلك ° وقيل بالفور والعزم وقيل بالوقف لغة وان بادر .
فرع
وفي لزوم المعصية مع الوصية وعدم ظن الموت قبل الفعل ان أخر ومات خلاف وان ظن الموت عصى وان اعتقد خروج الوقت ففعل والحالة انه وقت فعل عصى بالنية وفعله أداء وان فعل في الوقت بعد وقت ظن الموت فكذلك خلافا لبعضهم .
مسألة
القضاء بأمر ثان لا بالأول خلافا لبعضهم ويدل الأمر على إجراء المأمور به إذا أتى به على وجهه خلافا لبعضهم مسألة الأمر بالشيء نهي عن ضده العام بطريق الاستلزام لا المطابقة لانه ليس بذاتي.
صفحة ١٦
مسألة يصح كون الشيء مأمورا به من جهة منهيا عنه من جهة خلافا لمن منع مطلقا ولمن قال لا يصح ويسقط الطلب بالفعل . واما تعلقهما من جهة واحدة فلا فرع: من توسط زرع غيره فقيل تعلقا به معا وقيل تعلق به الأمر باستصحاب المعصية وقيل الأمر بنفي المعصية .
مسألة
يجب على العبد ان يعلم ان الله تعالى أمره بالطاعة قبل التمكن من الامتثال خلافا لقوم ° وان يقصد إلى إيقاع المأمور به على سبيل الطاعة ° ولا يتعلق الأمر والنهي بالمعدوم خلافا للأشعرية .
تنبيه
فصل
تقدم ان أمر الله تعالى هو قوله وكلامه بمعنى خطابه وهو فعل له . ويكون بمعنى الإيجاب والإلزام أمر . أي أوجب والزم خلافا للأشعرية في الأول ° وللمعتزلة في الثاني .
فرع
آمر ناه خالق لم يزل خلافا للمعتزلة ° ولا يجوز أمر ونهي خلافا للأشعرية ° وعن الشيخ أمر أي خلق الأمر به لا من أحد وكذا نهى أي لا فعل لأحد في أمره ونهيه ° وأمر النبي ونهيه هو أمر الله ونهيه ° وكذا الأمر بالطاعة مطلقا على الأصح لان الله أمر به ومحل الأمر والنهي حيث أراد الله . مسألة الأمر بالأمر بالشيء لا يكون أمر بذلك الشيء إلا مع قرينة والأمر بالماهية ليس أمر بشيء من جزئياتها وقيل الأمر بمطلق الفعل لا يدل على ان المطلوب الماهية بل الفعل الممكن المطابق لها لعدم وجودها خارجا.
الفصل الثاني في النهي
وحده طلب ترك الفعل على جهة الاستعلاء وقد يكون بالإشارة وفي صورة الخبر وصيغته لا تفعل ونهيتكم وما أشبهها . وهو للحظر ان تجرد على الأصح وقيل للكراهية وقيل مشتركة وقيل موقوفة ولا تأديب في نهي الله تعالى خلافا لقوم ويوجد في نهي الرسول . وحكمة الفور والتكرار وفي دلالة النهي على فساد المنهي عنه خلاف قيل إذا كان هيئته دون وصفه وقيل في الديانات دون العلامات وهو معنى إذا قابل للإجزاء لا السببية وقيل فيهما وقيل شرعا دون لغة وقيل لغة وقيل لا يدل . ولا يدل على صحة المنهي عنه خلافا لأبي حنيفة .
صفحة ١٧
مسألة إذا تعذر ترك المحرم إلا بترك غيره فتغليب الحرمة على الجميع أولى وان لم يتعذر تحري والقليل معفو كالأخت بفارس ونقطة نجس في بحر .
فرع
الأشياء حلال وحرام وشبهة وهي قبل ورود الشرع على الحظر وقيل على الإباحة وقيل بالوقف .
مسألة
ترد صيغته للتحريم وللكراهية وللتحقير ولبيان العاقبة وللدعاء وللاياس وللإرشاد وللتنزيه وللتسلية وللتكوين وللموعظة ولقطع الطمع .
مسألة
في جواز يحرم شيء لا بعينه خلاف .
خاتمة
السبب وصف ظاهر منضبط مناط للحكم والمانع ما استلزم وجوده عدم الحكم والشرط ما استلزم عدمه عدم الحكم وإلاجزاء سقوط الأمر وقيل سقوط القضاء وقد تقدم انه معنى الصحة في العبادة وفي اقتضاء الأمر اجزاء المأمور به إذا امتثل خلاف والفور تعجيل انقاذ الواجب ويقابله التراخي والفوات مضى وقت الأداء .
الباب الثالث في الظاهر والمحكم
ومقابلهما المتضح المعنى سواء كان نصا أو ظاهرا وقد يطلق النص على الظاهر والمتشابه يقابله اما الإجمال أو لظهور تشبيه أو غيرهما والظاهر ما يسبق إلى النفوس من معاني اللفظ والباطن يقابله والتأويل حمل الكلام على المحتمل المرجوح من معاني اللفظ والظاهر أولى من المأول خلافا للباطنية وان رجح الباطن دليل فهو أولى خلافا لأهل الظاهر وقد يترجح التأويل بأدنى مرجح وقد يحتاج إلى الأقوى لبعده وقد يتعذر ولا يقبل كتأويل بعض الفقهاء قوله عليه السلام امسكن أربعا وفارق سائرهن للذي اسلم على عشر وقوله امسك أيتهما شئت للذي اسلم على الأختين على تجديد النكاح وحمله فإطعام ستين مسكينا على إطعام طعام وفي أربعين شاة على قيمتها وأيما امرأة نكحت نفسها بغير وليها فنكاحها باطل باطل على امرأة صغيرة أو أمة ولا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل على صيام القضاء والنذر ولذي القربى على الفقراء .
صفحة ١٨
الباب الرابع في الخاص والعام العام ما دل ضربه على أكثر من واحد باعتبار اشتراكه في أمر مطلقا والخاص مقابله والعموم في المعاني حقيقة كالألفاظ على الأصح خلافا لمن منع ولمن قال مجازا وصيغته أسماء الشرط وأسماء الاستفهام والموصول والجمع واسم الجنس المعروفان بلام الجنس والمضافان والنكرة في سياق النفي وألفاظ التوكيد وفي الجمع المنكر خلاف وقيل هذه الصيغ مشتركة بينه وبين الخصوص وقيل للخصوص وقيل بالوقف مطلقا وقيل في الخبر دون الأمر والنهي ولا يفتقر العمل بالعموم إلى البحث عن المخصص خلافا للشافعي ولمن قال الحمل على اقل ما يتناوله اللفظ وان احتمل المعرف معنى العهد والجنس فالعهد أولى وأعم الألفاظ شيء وأقل الجمع اثنان وقيل ثلاثة وقد يكون الشيء عاما وخاصا باعتبارين .
مسألة
دلالة العام على الباقي بعد التخصيص ( ثانيهما ) ان كان غير منحصر فحقيقة وقيل ان خص بشرط أو استثناء وقيل بشرط أو صفة وقيل بمتصل مطلقا وقيل بدليل لفظي وقيل حقيقة في تناوله مجاز في الاقتصار عليه وإذا لم يبق منه ما يكون جمعا فمجاز ويصح الاستدلال به على الأصح وفي كون الباقي حجة , ثالثها ان خص بمتصل وقيل ان انبأ عن المخصص وقيل ان لم يفتقر إلى بيان وقيل حجة في أقل الجمع .
مسألة
لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ ولا عموم للفظ المحتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام في الجميع ويسمى المقتضى وان تعين أحدهما للتقدير فكالظاهر في عموم فعل الرسول وفي قول الصحابي نهي عن بيع الغرر ونحوه خلاف .
صفحة ١٩
تنبيه ما ظهر فيه جبلة من أفعاله عليه السلام فمباح لنا وله اتفاقا وما ظهر تخصيصه به كتزويج ما فوق أربع فظاهر وما عرف بقرينة أو قول انه بيان النص اعتبرت جهته اتفاقا وما لم يعرف لكن علمت صفته من وجوب وغيره فأمته مثله لرجوع الصحابة إلى فعله المعلوم الصحة ابن خلاد في العبادات وقيل كما لم يعلم فان لم يعلم فقيل يجب علىنا مثل فعله وقيل بالندب وقيل بالإباحة وقيل بالوقف وقيل ان ظهر قصد القرينة فندب وإلا فالإباحة لان القرينة تثبت الرجحان . والوجوب زيادة لم تثبت ° فصل ان قدر ولم ينكر فعلا وقد علم به دل على الجواز إلا ان كان كمرور كافر إلى كنيسة وان سبقه التحريم فنسخ وان استبشر فأوضح .
فصل
الفعلان لا يتعارضان فان وجب تكرار الأول فالثاني ناسخ في حق الجميع لوجوب التأسي وان عارضه قول ففي حقه ان وجب التكرار فالمتأخر ناسخ وإلا فالفعل ان تأخر سواء اختص القول به أو عمه والأمة وجب التأسي أو لم يجب وان جهل المتأخر فالوقف أولى وقيل أولى وقيل الفعل واما في حقنا فان لم يجب التأسي فلا تعارض مطلقا وان وجب مع التكرار ودونه فالمتأخر ناسخ مطلقا وأم جهل فالأقوال الثلاثة .
مسألة
اختلفوا في نحو حرمت الخمر للاسكار فيما علق من الأحكام على علة فقيل لا تعم وقيل تعم بالصيغة وقيل بالقياس وفي عموم ما اقترن بعام أو عطف عليه خلاف . مسألة ولا يطلق المشترك على معنييه خلافا لزاعمي ذلك ويصح مجازا وقيل لا يصح مطلقا وقيل يصح ان صح الجمع بينهما .
مسألة
نفي الفعل كلا تضرب ولا يستوي يقتضي العموم خلافا للمانعين وكذا الفعل المتعدي بحسب مفعولاته كان أكلت خلافا لأبي حنيفة .
صفحة ٢٠
فصل إذا أفرد النبي عليه السلام بخطاب شمل الأمة شرعا لا لغة إلا بدليل يخصه وقيل خاص إلا بدليل ونحو يا أيها الناس شمل المؤمنين والكافرين الحر والعبد الذكر والانثى وكل ما عم المؤمنين يعم الرسول خلافا لمن منع وفي شمول جمع المذكر والنساء خلاف وخطاب النبي لواحد ليس بعام إلا بدليل ولا يشمل الخطاب من لم يكن في زمانه إلا بدليل آخر من إجماع أو غيره خلافا لبعضهم والمخاطب داخل في الخطاب نحو بكل شيء عليم إلا ان منعه العقل كخالق كل شيء ومن تشمل الذكر والانثى وفي تعميم خذ من أموالهم صدقة في جميع انواع الأموال خلاف وإذا خوطب بما لم يتم إلا بفعل الأمة وجب على الأمة المسارعة في الامتثال .
مسألة
المفهوم عام فيما سوى المنطوق والآخر من العمومين ناسخ للأول وان لم يعلم التمس الجمع بينهما وان امتنع التمس ترجيح أحدهما بوجه والأخص قاض على الأعم قدم أو أخر .
التخصيص أرادة بعض ما يتناوله الخطاب ولا يصح التخصيص إلا فيما يستقيم توكيده بكل وفي شرط بقاء جمع يقرب من مدلول العام أو يكفي بقاء ثلاثة أو اثنين أو واحد مطلقا أو واحد في البدل والاستثناء والاثنين في غيرهما من المتصل والمنفصل المحصور خلاف وينقسم إلى متصل ومنفصل اما المتصل فالاستثناء المتصل والشرط والصفة والغاية وبدل البعض اما الاستثناء المتصل فهو إخراج بحرف وضع له غير الغاية وهو إلا .
تنبيه
إطلاق المستثنى على المتصل والمنقطع قيل بالتواطي وقيل بالاشتراك وفي المنقطع مجاز وحدة على الأول ما دل على مخالفة بالا غير الصفة وأخواتها ويزاد في المنقطع على الثاني من غير إخراج .
صفحة ٢١
فصل والمراد بالاستثناء في قولك عندي عشرة إلا ثلاثة ونحوه عشرة باعتبار الأفراد ثم أخرجت ثلاثة والإسناد بعد الإخراج ولم يسند إلا إلى سبعة وقيل المراد بعشرة إلا ثلاثة سبعة وقيل اسمان مترادفان أحدهما مركب والآخر مفرد وشرط اتصاله بالمستثنى منه وقال ابن عباس يصح وان طال وقيل بالنية وقيل مثله الشرط ولا يصح المستثنى المستفرق ويصح بالمساوي وإلا قل وفي الأكثر خلاف .
مسألة
الاستثناء بعد جمل معطوفة بالواو من الأخير وقيل إلى الجميع وقيل بالوقف وقيل بالاشتراك وقيل ان تبين الأضراب عن الأول وإلا فللجميع وقيل ان ظهر الانقطاع فللأخير أو الاتصال فللجميع وإلا فالوقف والشرط والصفة والغاية مثله بعد جمل . والاستثناء من الإثبات نفي وبالعكس خلافا لأبي حنيفة .
واما الشرط فينقسم إلى عقلي كالحياة للعلم وشرعي كالوضوء للصلاة ولغوي كان دخلت الدار فانت طالق واستعمال اللغوي في السبب أكثر أي استعمل للشرط الذي لم يبق للمسبب سواه وقد يتحد كل من الشرط والجزاء وقد يتعددان على الجمع وعلى البدل وقد يتحد أحدهما ويتعدد الآخر كذلك فتلك تسعة أقسام والمتقدم على الشرط في قولك أكرمك ان جئتني دليل الجزاء في اللفظ وجزاء في المعنى .
واما الصفة فنحو أكرم زيدا الطويل .
واما الغاية فنحو أكرم زيدا إلى ان يصل .
واما المنفصل فبالعقل كخالق كل شيء وبالكتاب للكتاب خلافا لمن شرط تأخير الخاص وبالقران للسنة خلافا لمن منع وبالسنة للسنة وبالسنة المتواترة للقران وبخبر الواحد خلافا لمن وقف ولمن شرط ان يخص بقطعي ولمن شرط بمتصل وبالإجماع للقران والسنة وبالمفهوم عند من قال به وبفعل النبي عليه السلام إلا ان منعت قرينة وكذا بتقريره فاعلا على فعل مخالف للعموم فان ظهرت علته حمل عليه ما يوافقه وإلا فلا يتعداه لتعذر دليله .
صفحة ٢٢
مسألة لا يقع التخصيص بمذهب الصحابي ولو كان الراوي خلافا لأبي حنيفة والحنابلة ولا بالعادة ولا برجوع الضمير إلى بعض وفي التخصيص بالرأي والقياس أقوال والوجه ان ثبتت علته بنص أو إجماع اخص وإلا فلا وكذا ان تقوى بقرينة .
فصل
المطلق ما دل على شائع في جنسه والمقيد بخلافه ولا يحمل أحدهما على الآخر ان اختلف حكمهما وإلا فان اتفق حمل المطلق على المقيد تخصيصا وان اختلف موجبهما . ثالثهما ان كان بجامع حمل وإلا فلا .
الباب الخامس في المنطوق والمفهوم
المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق وينقسم إلى صريح وهو ما وضع له اللفظ كالمطابقة والتضمين وإلى غيره وهو الالتزام وينقسم إلى اقتضاء وهو مقصود توقف الصدق أو الصحة عليه وإلى الإيماء وهو مقصود مقترن بحكم ولو كان يكن للتعليل كان بعيدا أو إلى الإشارة وهو ما ليس بمقصود منه والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق . وينقسم إلة موافقة وهو الحكم المسكوت عنه للمذكور ويسمى فحوى الخطاب ولحنه وقد سمى بعضهم المقتضى لحن الخطاب وفائدته التنبيه بالأدنى على الأعلى وبالعكس كقوله تعالى ومن أهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده إليك الآية ويكون قطعيا وظنيا . وإلى مخالفة وهو مخالفة الحكم المسكوت عنه للمذكور ويسمى دليل الخطاب ومنعه جماعة وينقسم إلى مفهوم الصفة مثل في السائمة زكاة ونفاه بعضهم مطلقا وبعضهم ان كان بغير بيان أو تعلم كان ما عدا الصفة غير داخل تحتها وإلى مفهوم الشرط ومفهوم الغاية ومفهوم انما ومفهوم الحصر ومفهوم الاستثناء ومفهوم العدد الخاص ومفهوم اللقب وهو أضعفها ومفهوم المشتق ورد إلى اللقب ومفهوم الزمان ومفهوم المكان وفي جميعها خلاف .
وشرطه ان لا تظهر أولوية ولا مساواة في المسكوب عنه ولا خرج مخرج الأغلب المعتاد ولا ما يقتضي تخصيصه بالذكر .
مسألة
والحصر يحصل بانما وبما وإلا والعطف بلا وتقديم ما حقه التأخير وضمير الفصل والإضافة وتعريف المسند وغير ذلك .
صفحة ٢٣
الباب السادس في الخبر
وهو ما يحتمل الصدق والكذب خلافا لمن قال لا يحد اما لعسرة أو لبداهته والانشاء يقابله كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي والندا والقسم وما يراد به العقود والوقوع كبعت والحمد لله والصدق الأخبار عن الشيء على ما هو به ويقابله الكذب والخبر في حدهما بمعنى الأخبار وهما صفة للمتكلم وفي تعريفه صفة للكلام فلا دور وهو ان طابق الواقع فصدق وإلا فكذب خلافا للجاحظ في إثبات الواسطة وللنظام في مطابقة الاعتقاد وينقسم إلى تواتر وآحاد .
فالتواتر خبر جماعة يفيد بنفسه العلم بصدقه خلافا للسمنية والتواتر في الوقائع المختلفة ما اتفقوا عليه وشرط العدد الغير المتواطنين على الكذب المسندون إلى الحس المستوون في الطرفين والوسط مع العقل خلافا لمن قال بتعيين العدد ويقطع بصدقه وبصدق كل خبر عرف بالضرورة وكل صدق خبر عرف بالاستدلال وخبر الله تعالى وخير رسوله والإجماع ومن اخبر الصادق بصدقه وما أخبر عن النبي بحضرته وفهمه ولم ينكره وما أخبر عن جماعة بحضرتهم ولم يمنعهم من الانكار مانع والخبر المستفيض المتلقي بالقبول وما دلت القرائن على صدقه ويقطع بكذب الخبر المخالف لما ذكر ويظن بصدق خبر العدل وبكذب خبر الكاذب ويستوي في الخبر المجهول والآحاد غير المتواتر ومنه المستفيض وهو ما زاد نقله على ثلاثة وغيره .
والمسند ما اتصل فيه طريق النقل وهو مفعل من المسند وهو الأخبار عن طريق المتن والمتن ما تضمنه الكلام من خبر وغيره من أمر خاص وعام وغير ذلك ويجب بهما العمل ولا يحصل بهما العلم لا بقرينة ولا بغيرها خلافا لزاعمي ذلك ويجوز التعبد بخبر العدل خلافا للجبائي .
والمرسل ما اخبر به عن الرسول من لم يسمع الخبر والأكثر على وجوب العمل به وقيل ان كان من ايمة النقل قبل وقيل ان قوته قرينة وإلا فلا .
والموقوف ما اخبر به عن الصحابي .
صفحة ٢٤
والمقطوع مالا يتصل به طريق النقل والضعيف ما وقع وهن في رواية وما لا يتصل متنه .
والشاذ ما قلت روايته والمناكير مالا يقبله العلماء وأخبار المتن ما اخبر به من غير سند اعتمادا على صحته وأخبار الصحيفة ما يرويه الراوي عن أبيه عن جده من صحيفة عندهم .
فصل
وشرط الناقل ان يكون بالغا عند الرواية وعند السماع ضابطا عدلا والعدالة موافقة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمرؤة وليس بمبتدع وفي المبتدع المظنون الصدق خلاف واما فسوق المعاصي فلا يقبل على المختار .
فصل الصحابة كغيرهم وقيل بعدالتهم وقيل إلى حين الفتن وقيل إلا من قاتل عليا والصحابي من رأى النبي أو سمعه مؤمنا به وقيل من أطال الصحبة وقيل مع الراوية وان قال العدل صحبت أو نحن أصحاب أو انا صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبل على الأصح واما أرسلني أو كنت في غزوة كذا أو لقيته ونحوه احتمل .
مسألة والتدليس عيب في الرواية ولا تقبل رواية مجهول والتدليس ان يروي الراوي عمن لم يسمع عنه موهما انه سمع منه أو يذكر الراوي بغير اسمه المشهور لنقص فيه أو باسم عدل ولم يبينه .
مسألة التعديل بواحد في الخبر واثنين في الشهادة وقيل باثنين وقيل بواحد فيهما والترجيح باثنين على الأصح وقيل باثنين عن واحد في الجميع ويكفي فيهما الإطلاق كقوله عدل رضي أو فاسق مطلق وقيل من العارف لا غيره وقيل لابد من ذكر السبب وقيل في التجريح وقيل بالعكس والتجريح مقدم ان تعارضا وان انتفى سبب التجريح المعين فالتعديل أولى ورواية العدل عن مجهول .
ثالثها ان كان عادته لا يروي إلا عن عدل تعديل وكذا عمله وحكمه ان يشترط العدالة في قبول الرواية والشهادة وترك العمل لأجل الراوي تجريح وعدم مجالسة العلماء ليس بتجريح وتقبل رواية الأمين وان لم يكن فقيها ما لم تنكر والمجالس والفقيه مقدمان عليهما عند التعارض والمعروفة بالحرفة كالنسب .
صفحة ٢٥
فصل إذا قال الصحابي سمعته عليه السلام وأخبرني أو حدثني ونحوه قبل وكذا على المختار قال وسمعته أمر أو نهى وأمرنا أو نهانا أو أوجب أو حرم أو من السنة كذا أو كنا نفعل .
مسألة
كيفية الرواية قال وحدث وأخبر هذا ان تحدث الشيخ أو قرأ وان قرأ الراوي عليه أو عبر فقيل لا يروي حتى يقول صح عندي خلافا لبعضهم ويزاد على اللفظ الأول قرأت عليه خلافا لقوم وان أجاز معينا فالأكثر على جوازها له ويزاد أجازه له خلافا لطائفة أو يقول أجازني أو انباني ° واما إذا ناوله الكتاب أو أرسله أو أجازه بغير قراءة ثم قال اروه عني فالأصح مرسل .
مسألة
المختار جواز نقل الحديث بالمعنى للعارف وحذف بعضه إلا في الاستثناء والغاية ونحوه ° والزيادة فيه كذب ° وان رواها عدل قبلت ان لم تدل قرينة على سقوطها ° وان كذب الأصل الفرع سقط من غير تجريح فيهما ° وان قال لا أدري قبل على الأصح لجواز الذهول ° ولا يشترط التعدد في القبول خلافا للجبابي ° ولا يشترط فيما تعم فيه البلوي ° ولا في الحد خلافا للكرخي ° وان حمل الصحابي الحديث على ظاهره تبع ° وعلى غيره خلاف ° وان تعارض الخبر والقياس فثالثها ان كانت العلة في الفرع مقطوعا بها قدم القياس ° وان كانت ظنا فالوقف ° وإلا فالخبر .
صفحة ٢٦