رغم أنها ليلة ينيرها البدر، فإن هذه الناحية من المدينة كانت هادئة تماما. لقد كان البدر ينير السحاب البارز في السماء، فيجعله يبدو وكأنه عمل منحوت. وكان الشاعر يفكر وهو يمشي في أن أشعة ذلك البدر الباهرة لا بد وأن لها تأثيرا مثل تأثير أشعة إكس. أي إنها تظهر بوضوح فقط ما يوجد في قلب الإنسان، ولكنها لا تفيد مطلقا في علاجه بأي حال.
ثم بدأ يصعد تلك التلة التي يوجد ذلك البيت على قمتها.
تسكن فتاة غريبة الأطوار قليلا في البيت الذي يوجد فوق تلك التلة. الفتاة تقول عن نفسها إنها رسامة. ثم إن لديها عادة غريبة، هي أنها لا ترسم إلا في الليل تحت أضواء المصباح. حقا إن الفاكهة تكون أجمل في الليل. مثلها مثل المرأة تماما.
كانت تلك الفتاة لديها عدد كبير من الأصدقاء الذكور، وكان هؤلاء الذكور كذلك يطيعونها كأنهم ألعوبة في يدها. كانت الفتاة لا تغلق مطلقا مفتاح الباب الذي يؤدي من الحديقة إلى مرسمها مباشرة، وتتركه بلا قفل من أجل من يرغب من أصدقائها الذكور في المجيء لزيارتها ليلا. ولكن هؤلاء الأصدقاء الذكور إذا قالت الفتاة لأحد منهم عد لمنزلك، فهو يعود، وإذا قالت له نم حتى الصباح، فهو يبيت في المرسم على سرير متهالك تصنعه له بصف مقاعد المرسم بجوار بعضها البعض. ربما يعتقد أن هذه الجلافة (هذا ليس سباب فأرجو المعذرة) شيئا لا يطاق، ولكنها كانت فتاة نقية وبريئة قلبا وقالبا.
عندما دفع البوابة المنخفضة الملونة بصبغة بيضاء، انساب صوت الجرس كقطرات الندى. كانت الحديقة تمتلئ بزهور الأضاليا وكرز الخريف. تبدو ألوان كرز الخريف الحمراء والبنفسجية في الليل وكأنها شديدة السواد.
فتحت ستائر المرسم ونظرت الفتاة إلى الحديقة، وجهها مظلم وحواف شعرها فقط هي التي انعكست بشدة في عيون
A . وعندما عرفت أنه
A
فتحت الفتاة الباب من ناحيتها وقالت: «أنا الآن أرسم أشياء ساكنة، إنه عمل ممتع للغاية. ماذا تفعل عندك؟ أسرع بالدخول!»
ألقى الشاعر تحية بلهاء قائلا: «مساء الخير.»
صفحة غير معروفة