أخيرا حث الزوج زوجته على الصعود إلى غرفة النوم في الطابق العلوي، ردت الزوجة أنها ستلحق به بعد أخذ حمامها. وعندها صعد الزوج إلى الطابق الثاني وحده، ودخل غرفة النوم التي تمت تدفئتها بواسطة مدفئة الغاز. ورقد على الفراش مادا ما بين رجليه ورافعا ذراعيه لأعلى بأقصى حد لهما. وعلى هذا الحال حتى وقت انتظاره قدوم زوجته، لم يختلف عن المعتاد في أي شيء.
عقد ذراعيه أسفل رأسه، وحدق بلا اهتمام في ظلام ألواح السقف التي لا تصلها أشعة المصباح. هل هو ينتظر الموت الآن؟ أم المتعة الجسدية المهتاجة؟ لقد ازدوج الأمران الآن معا، وأصبح يشعر وكأن الرغبة الجسدية تقوده إلى الموت. ولكن على أي حال؛ فالزوج لم يشعر في حياته قط بمثل هذه الحرية في جميع أعضاء جسده.
تسمع أصوات السيارات خارج النافذة، صوت دهس إطاراتها للثلوج المتراكمة على أحد جانبي الطريق. ويتردد صدى صوت أبواقها المصطدمة بالسياج القريب. وهكذا عندما يستمع إلى هذه الأصوات، يشعر أن هذا المنزل يقف كالطود الشامخ وكأنه جزيرة منعزلة في خضم بحر المجتمع الهائج الذي لا يكف عن الحركة. الوطن الذي يثير همه وقلقه يمتد محيطا بهذا البيت في فوضى كبرى. إنه يضحي بحياته من أجل هذا الوطن، ولكنه وهو يضحي بروحه في سبيل إيقاظ وتحذير هذا الوطن العملاق، لا يدري هل في النهاية سيعطي الوطن لموته ولو نظرة واحدة أم لا؟ ولكنه لا يهمه ذلك مطلقا؛ فتلك هي ساحة معركة ليس فيها مجد، ساحة معركة لا يقدر أحد على إظهار شجاعته فيها. إنها الخط الأمامي لجبهة الروح.
سمعت خطوات أقدام ريكو وهي تصعد درج السلم. درج السلم في هذا البيت القديم يزقزق بشدة. كان الزوج يحن لتلك الزقزقة ولشدة ما انتظر سماعه في الماضي وهو مستلق في الفراش يستمع لتلك الزقزقة الحلوة المذاق. وعندما فكر أنه لن يسمعها مرة أخرى، جعل أذنه في غاية التركيز، محاولا أن يملأ تلك اللحظات الثمينة لحظة بلحظة بالزقزقة التي ترتفع من باطن قدم زوجته الناعمة بلا تفريط. كانت تلك اللحظات تطلق أشعة لامعة، وكأنها تحولت إلى مجوهرات.
كانت ريكو ترتدى كيمونو خفيف بحزام من نوع ناغويا، كان ذلك الحزام الأحمر يبدو أسود في الظلام الخافت. وعندما لمسه الزوج بيده، ساعدته يد ريكو فانزاح الحزام ساقطا فوق الأرض. حاول الزوج احتضان زوجته كما هي بالرداء واضعا يديه على جانبيها، ولكن عندما لمست أصابعه لحم جنبها الدافئ، شعر الزوج باشتعال جسده كله؛ بسبب هذه اللمسة.
وفي لمح البصر صار الاثنان عاريين بشكل طبيعي أمام نار مدفئة الغاز.
لم يصرحا بذلك، ولكن قلبيهما وجسديهما وصدريهما المتأججين انفجرا بالرغبة؛ لعلمهما أن تلك هي آخر مرة. كان كما لو كانت عبارة «المرة الأخيرة» مكتوبة بحبر سري غير مرئي عبر كل ركن من جسديهما.
احتضن الزوج جسد زوجته اليافع بعنف وقبلها. لسان كل منهما دخل في فم الآخر السلس ليتأكد من كل ركن فيه. وشعرا كما لو أن تلك المشاعر الملتهبة مثل الصلب الأحمر تدربهما وتصقلهما لتحمل آلام الموت التي لم تظهر بوادرها بعد في أي مكان. كانت آلام الموت التي لم يحسا بها بعد، تلك الآلام البعيدة هي التي صقلت مشاعر المتعة لديهما.
قال الزوج لزوجته: «هذه هي المرة الأخيرة التي سأرى فيها جسدك، دعيني أتمتع برؤيته جيدا.»
ثم أمال المصباح ناحيتها، وصب أشعته على امتداد جسد ريكو الممدد.
صفحة غير معروفة