3
ولكن استخدامي أنا الذي لم أسقط بعد في الجحيم لهذا الاسم كاسم مستعار للكتابة ... دخلت غرفة عرض البوسترات التي كانت في الجهة المقابلة تماما وأنا أحاول بجد دفع الأوهام بعيدا خلف رفوف الكتب الكبيرة، ولكن حتى هناك وجدت لوحة تصور فارسا يبدو أنه القديس مارجرجس يطعن تنينا له أجنحة فيقتله. بل كان ذلك الفارس يظهر تحت الخوذة جزءا من وجهه العبوس الذي يشبه وجه أحد أعدائي. تذكرت مرة أخرى قصة «فن ذبح التنين»
4
في كتاب «هان فيي زي»، فغادرت المكان هابطا درجات السلم عريضة الاتساع بدون أن أمر من خلال قاعة العرض.
ظللت أفكر في كلمة «ذبح التنين» وأنا أسير في شارع نيهونباشي الذي أتى عليه الليل بالفعل. ولا شك أن تلك هي الكلمة المنقوشة على محبرتي الخاصة. لقد أهداني رجل أعمال شاب تلك المحبرة. ورجل الأعمال هذا أعلن أخيرا إفلاسه في نهاية العام الماضي بعد فشله في عدد من المشاريع التجارية. رفعت عيني إلى السماء العالية، وقررت أن أفكر في مدى صغر الكرة الأرضية هذه - وبالتالي مدى صغري أنا نفسي - وسط أضواء تلك النجوم التي لا حصر لها، ولكن الجو الذي كان صحوا في النهار أمسى في غفلة من الزمن غائما تماما. أحسست فجأة أن شيئا ما يحمل تجاهي عداء، ولذا قررت أن ألجأ إلى مقهى على الجانب الآخر من سكة القطار الحديدية.
لا شك أن ذلك كان «لجوءا». فلقد أحسست في حائط ذلك المقهى وردي اللون ما يشبه السلام النفسي، وأخيرا استطعت الجلوس بسهولة أمام الطاولة التي في عمق المقهى. ومن حسن الحظ أنه لم يكن في تلك المقهى إلا شخصين أو ثلاثة أشخاص فقط. شربت كوبا من الكاكاو ودخنت سيجارة كالمعتاد. ارتفع دخان السيجارة على الحائط الوردي فجعله الحائط دخانا بلون أرزق خفيف. أمتعني ذلك التوافق اللوني اللطيف أيضا. لكن بعد مرور فترة، عثرت على لوحة بورتريه لنابليون معلقة على الجدار الذي على يساري، فبدأت أشعر بالقلق مجددا. في الوقت الذي كان فيه نابليون ما زال طالبا، كتب في آخر صفحة من كراس الجيوغرافيا: «جزيرة سانت هيلينا جزيرة صغيرة.» وربما كان ذلك مجرد مصادفة كما نقول، ولكن من المؤكد أن ذلك قد أحدث الرعب حتى في قلب نابليون نفسه.
بدأت أفكر في مؤلفاتي وأنا أحملق في نابليون. وأول ما طرأ على ذهني الحكم والأمثال الواردة في «كلمات القزم». (وبخاصة الكلمة التي تقول: «إن الحياة جحيم أكثر من الجحيم ذاته».) وبعد ذلك قدر الرسام الذي يدعى يوشيهديه بطل قصتي «صور معاناة الجحيم». وبعد ذلك ... وأنا أنفث دخان التبغ، ومن أجل أن أهرب من تلك الذكريات، بدأت أدير نظري داخل المقهى. لقد لجأت إلى هذا المكان قبل خمس دقائق فقط، ولكن خلال وقت قصير جدا تبدل حال المقهى تماما. وما أشعرني بعدم الارتياح بصفة خاصة هو عدم توافق المقاعد والمناضد الخشبية من الماهوجني مع الحائط ذي اللون الوردي مطلقا. خفت من أن أسقط مرة ثانية في عذاب لا يراه أحد غيري، فأسرعت بإلقاء عملة فضية على الطاولة وحاولت الخروج من المقهى. «أنت! انتظر! المطلوب عشرون سنا ...»
كان ما ألقيته عملة نحاسية.
5
أثناء سيري وحيدا وأنا أشعر بالخزي، تذكرت فجأة بيتي داخل غابات الصنوبر. لم يكن ذلك بيت والدي بالتبني في إحدى ضواحي طوكيو، ولكنه البيت الذي استأجرته من أجل أن أكون أنا مركز البيت والأسرة. لقد عشت عشر سنوات تقريبا في ذلك البيت. ولكنني بقرار متهور في ظروف خاصة بدأت الإقامة مع والدي بالتبني. وفي نفس الوقت بدأت التحول إلى عبد، إلى طاغية إلى إنسان أناني ضعيف.
صفحة غير معروفة