ردت السيدة تولاست: «أعرف ذلك، لكن لا أحد يناسبني أكثر منك. الفتيات يناسبهن الصبيان، أما النساء الكبريات سنا فيناسبهن رجال من سنهن. لو كنت قد فقدت عقلك، يا نيكولاس سنايدرز، فأنا لم أجن بعد. عندما ترجع إلى طبيعتك مرة أخرى ...»
انتفض نيكولاس وافقا. وصاح مقاطعا: «أنا على طبيعتي، وأنوي أن أظل على طبيعتي! من يجرؤ على زعم أني لست على طبيعتي؟»
ردت السيدة تولاست ببرود يثير الغيظ: «أنا أزعم ذلك.» وتابعت قائلة: «نيكولاس سنايدرز لا يكون على طبيعته عندما يلقي بأمواله من النافذة بكلتا يديه بأمر من دمية حسنة الوجه. بل هو رجل مسحور، وأنا أرثي لحاله. سوف تخدعك لمصلحة أصدقائها حتى تبدد آخر سنت لديك، وعندئذ سوف تسخر منك. عندما تعود لطبيعتك يا نيكولاس سنايدرز، سوف تشعر بغضب عارم من نفسك؛ تذكر كلماتي.» ثم غادرت السيدة تولاست وصفقت الباب خلفها. «الفتيات يناسبهن الصبيان، أما النساء الكبريات سنا فيناسبهن رجال من سنهن.» ظلت تلك العبارة تتردد في أذني نيكولاس. قبل الآن كانت السعادة التي وجدها مؤخرا تملأ عليه حياته، دون أن تترك مجالا للفكر. لكن كلمات السيدة تولاست العجوز زرعت في نفسه بذور التأمل.
هل كريستينا كانت تخدعه؟ الفكرة نفسها مستحيلة. فهي لم تطلب لنفسها شيئا قط، ولم تشفع ليان مطلقا. تلك الفكرة الشريرة وليدة عقل السيدة تولاست الخبيث. إن كريستينا كانت تحبه. فوجهها يضيء عندما تراه. وقد تبدد خوفها منه؛ وحل محله نوع لطيف من التحكم. لكن هل كان الحب مبتغاه؟ إن روح يان التي حلت بجسد نيك العجوز روح شابة متقدة العاطفة. تلك الروح لم تنظر إلى كريستينا بوصفها ابنة، بل رغبت فيها كزوجة. أمن الممكن أن تفوز تلك الروح بحبها رغما عن جسد نيك العجوز؟ لم يكن الصبر من خصال روح يان. فمن الأفضل للمرء أن يعرف يقينا بدلا من أن يترك لشكوكه.
قال نيكولاس لكريستينا: «لا تضيئي الشموع، دعينا نتحدث قليلا على ضوء المدفأة فقط.» سحبت كريستينا مبتسمة كرسيها مقتربة من اللهب المتوهج. لكن نيكولاس ظل جالسا في الظل.
قال نيكولاس: «أنت تزدادين جمالا يوما بعد يوم يا كريستينا، وتزدادين عذوبة وأنوثة كذلك. يا لسعد من سيحظى بك زوجة له.»
تبددت الابتسامة من وجه كريستينا. وردت قائلة: «لن أتزوج أبدا.» علق نيكولاس: «أبدا كلمة كبيرة يا صغيرتي.»
ردت كريستينا: «المرأة الشريفة لا تتزوج رجلا لا تحبه.»
ابتسم نيكولاس قائلا: «لكن ألا تستطيع الزواج من الرجل الذي تحبه؟»
أجابته كريستينا: «في بعض الأحيان لا تستطيع.» «ومتى يحدث ذلك؟»
صفحة غير معروفة