وأني لأقوم جذيل محكك
وأني لأقوم عذيق مرجب
عليم بما ترضى المروءة والتقى
خبير بما آتى وما أتجنب
حلبت أفاويق الزمان براحة
تدر بها أخلاقه حين تخلب
وصاحبت هذا الدهر حتى لقد غدت
عجائبه من خبرتي تتعجب
ودوخت أقطار البلاد كأنني
إلى الريح أعزى أو إلى الخضر انسب
وعاشرت أقواما يزيدون كثرةص
على الألف أو عد الحصى حين يخسب
فما راقني في روضهم قط مرتع
ولا شاقنى في وردهم قط مشرب
تراني وإياهم فريقين كلنا
بما عنده من عزة النفس معجب
فعندهم دنيا وعندي فضيلة
ولا شط أن الفضل أعلى واغلب
على أن ما عندي يدوم بقاؤه
علي ويفنى المال عنهم ويذهب
أناس مضى صدر من العمر عندهم
أصعد ظني فيهم وأصوب
رجوت بهم نيل الغنى فوجدته
كما قيل في المثال عنقاء مغرب
وكسل عزم المدح بعد نشاطه
ندى ذمه عندي من المدح أوجب
كأن القوافي حين تدعى لشكرهم
على الجمر تمشي أو على الشوك تسحب
صفحة ١٧٥