وأعني بالفكر الاجتماعي الفاعلية الجدلية بين الذات (الإنسان/المجتمع) والموضوع، ذلك أن الإنسان لا يفكر إلا في مجتمع، وفكر المجتمع حصاد تاريخية الفعل أو النشاط الاجتماعي في إطار صراع الوجود، أي إنتاج الوجود، وإنتاج الوجود - أي الحضارة - هو نشاط مادي ومعنوي (تقانة وفكر) وكلاهما وجهان للوجود الاجتماعي وأداة واحدة للتكيف الذي هو معرفة، فكر، وفعل استجابة لتحديات البقاء والتكاثر، والحضارة عندي هي عملية تاريخية قوامها «إبداع الأدوات المادية والإطار الفكري - القيمي في تكامل معا استجابة لتحديات وجودية يفرضها الواقع المتجدد والطبيعة بتفاعلهما مع الإنسان - المجتمع»، وهذا التعريف فيه دينامية، إذ يدمج الإنسان بوصفه أحد مكونات البيئة الحضارية بسلوكه وفكره وقيمه، ويتسق مع التعددية والتطور في الزمان والتنوع في المكان.
الفعل والفكر الاجتماعيان هما المشروع الوجودي الجمعي، وفكر الأمة ليس حاصل تراكم فكر أفراد، ويتعطل فكر الأمة - المجتمع - حين يتعطل الفعل الجمعي لإنتاج الوجود، وهنا يعيش أبناء المجتمع أسرى وعي زائف وثقافة مغتربة، وواقع يغلب عليه طابع النمطية والاطراد العشوائي.
وهنا نمايز بين: (أ)
ثقافة معيشة موروثة. (ب)
وفكر هو ابتكار وتجديد متلاحم مع الفعل الاجتماعي الإنتاجي ويشكل وعيا بالتاريخ وبالواقع في تناقضاته وصراعاته وتحدياته، ويستشرف المستقبل تأسيسا على الفعل والفكر الإراديين للمجتمع، علاوة على أنه فكر نقدي لرصيد الماضي وللواقع، بمعنى أنه آلية مراجعة مستمرة وتغذية مرتدة بين الفعل والفكر الاجتماعيين في حركتهما.
وإن الفعل الاجتماعي لإنتاج الوجود ماديا ومعنويا (تقانة وفكرا) هو عملية اشتباك وتفاعل بين منتج جمعي
Collective Producer (الإنسان/المجتمع) يتفاعل مع البيئة لإنتاج وجوده، وحري أن ننظر إلى هذا الفعل نظرة تطورية باعتبار الإنتاج عملية مركبة العناصر وعملية خالقة دائما وأبدا.
الفكر/اللغة تولد من خلال فعل الإنتاج للإنسان الأول
Hominid
امتدادا للوجود الجيني/البيولوجي، وتخليقا ماديا ومعنويا للعقل الذي يجسد الوجود التاريخي الفاعل النشط للإنسان/المجتمع، وهذه مسألة محورية ومعيار رئيسي للحكم على الفكر الاجتماعي وجودا وعدما أو ركودا وتجددا، إن الفكر/اللغة بدأ نشأته التطورية مع أول أداة إنتاج اقتضت تجمعا وتنظيما لأغراض مجتمعية تعزز التكيف، بدأ هنا التواصل الرمزي بين البشر في سياق الاستجابة وواقع التفاعل أو الفعل الاجتماعي مع الطبيعة، وهو فعل متجدد أبدا، ويفضي إلى تجدد التواصل الرمزي، أي تجدد الفكر/اللغة.
صفحة غير معروفة