حين أتى بني قريظة، وما تكلم مع ذلك إلا إيماء.
ومما يدل على نبوته _صلى الله عليه وسلم_، أعلام ظهرت عليه، ومعجزات اتفقت له، سوى ما ذكرناه منها أنه _صلى الله عليه وسلم_ أوتي بكف من تمر يوم الخندق، وكانت شدة ومجاعة، فطعم منه أصحابه، وملأ من الناس يأتون ويذهبون، والتمر يفيض من أطراف الثوب. ومنها نزوله والمسلمون عام الحديبية على ماء قليل حين غرز فيه سهما من كنانته، وفارت البئر حتى استوى ماؤها بشفير البئر، واغترف الناس منها اغترافا. ومثل ذلك ما جرى له _صلى الله عليه وسلم_ في غزوة تبوك، وقد كانوا أيضا عام الحديبية أصابهم جوع شديد حتى هموا بالظهر، فدعا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بالإنطاع (¬1) ، فبسطت، وألقى في الإنطاع باقي أزودتهم (¬2) ، فدعا فيه النبي _صلى الله عليه وسلم_ وبارك عليه، فأتى الناس بأوعيتهم فملأوها حتى إن منهم من أخذ ما لا يجد له محملا.
¬__________
(¬1) النطع فيه أربع لغات: (نطع) كطلع، و(نطع) كتبع، و(ونطع) كدرع، و(نطع) كضلع، والجمع (نطوع) وأنطاع، وتنطع في الكلام تعمق.
(¬2) جمع زاد، ويجمع الزاد على أزودة على غير قياس، ومنه حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_: (ملأنا أزودتنا).
صفحة ٨٧