وقال: (فأروني ماذا خلق الذين من دونه) (¬1) فيمكن على قياس هذا القول أن يرد عليه فيقال: إن الذي من هو دونه أكثر مما خلق؛ لأن أفعال خلقه أكثر من خلقه في قولهم، وقال عز وجل: (أروني ماذا خلقوا من الأرض) (¬2) ، وقال عز وجل: (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء) (¬3) ردا على من أخرج شيئا من كل الأشياء من أن يكون من خلقه، فأخرج الكلمة في: مخرج العموم (¬4) ، فمن ادعى فيها الخصوص ولم يأت بآية مجتمع عليها، أو خبر مجتمع عليه يخص به ما أخرج به الكلام مخرج عموم فقد أراد أن يثبت دعواه بغير برهان، وبغير ما يثبت به الدعوى، وليس ما نظروا به من هذه الآية من قوله: (تدمر كل شيء بأمر ربها) (¬5)
¬__________
(¬1) الآية 11 من سورة لقمان، وتكملة الآية: (بل الظالمون في ضلال مبين). وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة حيث قال: "أروني" بدلا من (فأروني).
(¬2) الآية 40 من سورة فاطر، وتكملة الآية: (أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا).
(¬3) الآية 16 من سورة الرعد، وتكملة الآية: (وهو الواحد القهار(.
(¬4) العموم: ضد الخصوص، وهو في اللغة عبارة عن الإحاطة بالأفراد دفعة. وللعموم عند الفلاسفة معنيان: أحدهم مجرد، والآخر مشخص؛ فالعموم بالمعنى المجرد صفة العام من حيث شموله لجميع الأفراد المستغرقة فيه، قال ابن سينا : لو كانت الحيوانية توجب أن لا يقال عليها عموم أو خصوص لم يكن حيوان خاص أو حيوان عام. راجع الشفاء 487 488.
(¬5) الآية 25 من سورة الأحقاف، وتكملة الآية: (فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين)..
صفحة ٥٦