ولو كان الله على ما قلتم في كل مكان لما قال: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سموات، وقال: اهتز العرش لموت سعد (¬1) ، والاهتزاز لا يكون إلا للأجسام، ومما احتجت به أيضا قوله عز وجل: {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى} (¬2) ، وقال: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (¬3) وقال: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (¬4) ، فالحسنى الجنة، والزيادة الرؤية، ويؤكد ما قلنا في الرؤية قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنكم سترون ربكم لا تضامون في رؤيته، كما لا تضامون في القمر ليلة البدر (¬5) ،
¬__________
(¬1) الحديث رواه البخاري في صحيحه عن أبي موسى، وأخرجه الإمام مسلم عن أبي سفيان عن جابر -رضي الله عنه-. ومن حديث قتادة عن أنس -رضي الله عنه-، وأورده البيهقي في الأسماء والصفات، وقد في الحديث أن الملائكة تستبشر بروح المؤمن، ورواه أحمد في مسنده عن أنس وعن جابر، والترمذي وابن ماجه عن جابر، وأخرجه النسائي بلفظ: "تحرك عرش الرحمن"، عن طريق محمد بن عمرو عن أبي الهادي وغيره، عن معاذ بن رفاعة، وقال الذهبي: إن رواية قتادة عن أنس حديث صحيح، والإسناد إلى عائشة إسناد حسن، واعتبره الذهبي متواترا والله أعلم.
(¬2) سورة النجم الآيات من 8- 17.
(¬3) سورة القيامة آية 22 23.
(¬4) سورة يونس آية رقم 26.
(¬5) الحديث رواه ابن ماجة في المقدمة 13 باب فيما أنكرت الجهمية 177 بسنده عن جرير بن عبد الله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيه زيادة "فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا"، ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [سورة ق: 39].
ورواه البخاري في المواقيت 16، 26، والتوحيد 24، ورواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان 302 بسنده عن أبي سعيد الخدري 81، باب معرفة طريق الرؤية، وأبو داود في السنة 19، والترمذي في الجنة 15، 17، 20، وأحمد بن حنبل في المسند 3: 16، 4: 12 (حلبي).
صفحة ١١٨