كتاب المحتضرين
محقق
محمد خير رمضان يوسف
الناشر
دار ابن حزم-بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧هـ - ١٩٩٧م
مكان النشر
لبنان
تصانيف
التصوف
٩٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي مُعَاذٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ سَالِمٍ كَاتَبِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا هِشَامٌ يَوْمًا، فَأَدْنَى عُنُقَهُ، مُرْخِيًا عَنَانَ دَابَّتِهِ، مُسْتَرْخِيَةٌ ثِيَابُهُ عَلَيْهِ. فَسَارَ قَلِيلًا، ثُمَّ كأنه انْتَبَهَ، فَجَذَبَ عَنَانَ بَرْذُونِهِ، وَسَوَّى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّبِيعِ - وَكَانَ عَلَى حَرَسِهِ -: ادْعُ الْأَبْرَشَ بْنَ الْوَلِيدِ الْكَلْبِيَّ، قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - مَوْلَى هِشَامٍ -: فَاكْتَنَفَاهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْأَبْرَشُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ مِنْكَ شَيْئًا قَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَأَخْبَرَهُ بِحَالِهِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهِمْ فِيهَا قَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبْرَشُ كَأَنْ لَا يَكُونُ ذَاكَ؟ وَزَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالنُّجُومِ أَنِّي أَمُوتُ إِلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَاكَ جَذَبْتُ عَنَانَ بَغْلَتِي، وَدَعَوْتُ بَعْضَ كُتَّابِي، فَأَتَانِي بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ، فَكَتَبْتُ ⦗٨٦⦘: ذَكَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ يُسَافِرُ إِلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِي هَذَا. وَأَدْرَجَتُ الْكِتَابَ وَخَتَمْتُهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي صَبِيحَتُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ، أَتَانِي خَادِمٌ فَقَالَ: أَدْرِكْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَائْتِ بِالدَّوَاءِ مَعَكَ. وَكَانَ دَوَاءُ الذُّبْحَةِ يَكُونُ مَعَهُ. فَذَهَبْتُ بِالدَّوَاءِ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَتَغَرْغَرُ بِهِ وَمَا يَسْكُنُ عَنْهُ مَا يَجِدُ، حَتَّى مَضَى مِنَ اللَّيْلِ شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: يَا سَالِمُ، انْصَرِفْ وَدَعِ الدَّوَاءَ عِنْدِي، فَكَأَنِّي وَجَدْتُ بَعْضَ الرَّاحَةِ. فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ "
1 / 85