المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
محقق
عبد الكريم سامي الجندي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنفي
وقت الظهر فرض الوقت يكون هو العصر، فإذا نوى فرض الوقت كان ناويًا العصر وصلاة الظهر لا تجوز بنية العصر.
رجل افتتح المكتوبة ثم ظن أنها تطوع، فصلى على نية تطوع العصر حتى فرغ، فالصلاة هي المكتوبة؛ لأن فوات النية بكل جزء من أجزاء العبادة متعذر فيشترط قران النية بالجزء الأول، وكذا لو شرع في التطوع ثم ظن أنها مكتوبة وأتمها على نية المكتوبة، ولو كبّر ينوي التطوع ثم كبر ينوي الفرض يصير شارعًا في الفرض، فإذا أراد أن يصلي ظهر يومه، وعنده أن وقت الظهر لم يخرج، وقد خرج الوقت، فنوى ظهر اليوم جاز، لأنه لما خرج الوقت ظهر اليوم في ذمته؛ فإذا نوى ظهر اليوم فقد نوى عليه إلا أنه قضى ما عليه بنية الأداء وقضاءها عليه بنية الأداء جاز هذا إذا كان منفردًا، فأما إذا كان إمامًا فكذلك الجواب في حقه؛ لأنه بمنزلة المنفرد في حق نفسه، ولا يحتاج إلى نية الإمامة؛ لأن الأداء لا يختلف عليه إلا في حق النساء، فإنه لا يصير إمامًا لهن إلا بالنية: وإن كان مقتديًا لا تكفيه نية الفرض والتعيين حتى ينوي الاقتداء؛ لأن الأداء مقتديًا يخالف الأداء منفردًا، والمخالفة من هذا الوجه أظهر من المخالفة بين الظهر والعصر، وكذلك في صلاة التراويح إذا كان مقتديًا يحتاج إلى نية الاقتداء مع نية التراويح.
وإن نوى الاقتداء بالإمام ولم يعين الصلاة اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا تجزئه؛ لأن الاقتداء بالإمام متنوع إلى نفل وفرض والنفل أدنى، فانصرفت إليه النية المطلقة، وقال بعضهم: تجزئه؛ لأنه جعل نفسه تبعًا للإمام مطلقًا، وإنما يظهر تعيينه مطلقًا إذا صار شارعًا في صلاة الإمام وهو الفرض، وكذلك إذا قال: نويت أن أصلي مع الإمام، وذكر ﵀ في باب الحديث إذا اقتدى بالإمام ينوي صلاة الإمام ولم يعلم أن الإمام في أية صلاة في الظهر أو في الجمعة (٤٥أ١) أجزأه أَيُّها كانت؛ لأنه نوى الدخول في صلاة الإمام مقتديًا به؛ فيصير شارعًا في صلاته، وإن نوى صلاة الإمام لا تجزئه بالاتفاق؛ لأن صلاة الإمام قد يكون منفردًا وقد يكون مقتديًا إلا بالنية.
وإن نوى الشروع في صلاة الإمام فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: تجزئه، وقال بعضهم: لا تجزئه؛ لأن الشروع في صلاة الإمام متنوع إلى نفل وفرض، والنفل أدنى يفيد الإطلاق، فينصرف إليه، فيصير شارعًا في صلاة الإمام ولكن متنفلًا، والأول أصح؛ لأنه جعل نفسه تبعًا من كل وجه فلا تثبت التبعية من كل وجه مع المخالفة من وجه.
ولو نوى الاقتداء بالإمام ولكن لم ينوِ صلاة الإمام إنما نوى الظهر، فإذا هي الجمعة لا يجوز؛ لأن اختلاف الفرضين يمنع الاقتداء، وإذا أراد المقتدي بنية الأمر على نفسه ينبغي أن ينوي صلاة الإمام والاقتداء به أو ينوي أن يصلي مع الإمام، ولو نوى الجمعة ولم ينوِ الاقتداء بالإمام اختلفوا فيه، بعضهم قالوا لا يجوز؛ لأن الجمعة لا تكون إلا مع الإمام.
ولو نوى الاقتداء بالإمام ولم يخطر بباله أنه زيد أو عمرو جاز اقتداؤه، ولو نوى
1 / 287