115

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

محقق

عبد السلام عبد الشافي محمد

الناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

رقم الإصدار

الأولى - 1422 هـ

قال النقاش وغيره: غشيتهم سحابة وحيل بينهم وبين موسى بالنور فوقعوا سجودا.

قال السدي وغيره: وسمعوا كلام الله يأمر وينهى، فلم يطيقوا سماعه، واختلطت أذهانهم، ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعبر لهم، ففعل، فلما فرغ وخرجوا بدلت منهم طائفة ما سمعت من كلام الله فذلك قوله تعالى: وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه [البقرة: 75] ، واضطرب إيمانهم وامتحنهم الله بذلك فقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ولم يطلبوا من الرؤية محالا، أما إنه عند أهل السنة ممتنع في الدنيا من طريق السمع، فأخذتهم حينئذ الصاعقة فاحترقوا وماتوا موت همود يعتبر به الغير.

وقال قتادة: «ماتوا وذهبت أرواحهم ثم ردوا لاستيفاء آجالهم، فحين حصلوا في ذلك الهمود جعل موسى يناشد ربه فيهم ويقول: أي رب، كيف أرجع إلى بني إسرائيل دونهم فيهلكون ولا يؤمنون بي أبدا، وقد خرجوا معي وهم الأخيار» .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله: يعني وهم بحال الخير وقت الخروج.

وقال قوم: بل ظن موسى عليه السلام أن السبعين إنما عوقبوا بسبب عبادة العجل، فذلك قوله أتهلكنا يعني السبعين بما فعل السفهاء منا [الأعراف: 155] يعني عبدة العجل.

وقال ابن فورك: يحتمل أن تكون معاقبة السبعين لإخراجهم طلب الرؤية عن طريقه، بقولهم لموسى «أرنا» وليس ذلك من مقدور موسى صلى الله عليه وسلم، وجهرة مصدر في موضع الحال، والأظهر أنها من الضمير في نرى، وقيل من الضمير في نؤمن، وقيل من الضمير في قلتم، والجهرة العلانية، ومنه الجهر ضد السر، وجهر الرجل الأمر كشفه.

وقرأ سهل بن شعيب وحميد بن قيس: «جهرة» بفتح الهاء، وهي لغة مسموعة عند البصريين فيما فيه حرف الحلق ساكنا قد انفتح ما قبله، والكوفيون يجيزون فيه الفتح وإن لم يسمعوه.

قال القاضي أبو محمد: ويحتمل أن يكون جهرة جمع جاهر، أي حتى نرى الله كاشفين هذا الأمر.

وقرأ عمر وعلي رضي الله عنهما: «فأخذتكم الصعقة» ، ومضى في صدر السورة معنى الصاعقة، والصعقة ما يحدث بالإنسان عند الصاعقة.

وتنظرون معناه إلى حالكم.

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رحمه الله: حتى أحالهم العذاب وأزال نظرهم.

قوله عز وجل:

[سورة البقرة (2) : الآيات 56 الى 58]</span>

ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56) وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57) وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (58)

صفحة ١٤٧