115

محمد ﵌ في مكة

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

لحماية المتلقى الادمى من خطر التجلى الالهى «٣٤» *، ومن ناحية أخرى طورت ألفاظ معينة- بشكل مجازى- فكرة (التغطية) فأصبحت تطلق على شخص غامض أو غير مشهور. وهذا المعنى لا ينطبق على محمد ﷺ، فهو وفقا لمعايير أهل مكة لم يكن- نسبيا- شخصا قليل الأهمية. هذه الصورة التى كوناها توضح اذا ما سقنا هذه التفاصيل غير المؤكدة فى سياق واحد- أن مسار الأمور كان كالتالى أو شيئا قريبا منه: كانت هناك مرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة الاعداد (اعداد محمد ﷺ لتحمل مهام النبوة)، وقد استمرت هذه المرحلة ثلاث سنين، وفى هذه المرحلة كان قد بدأ يتلقى وحيا من نوع ما. وفى الأحاديث التى ورد فيها ذكر اسرافيل ما يفيد أن محمدا ﷺ كان يسمع صوتا ولا يرى جرما «٣٥» **، ويمكن أن نرجع القسم الأول من سورة العلق وسورة الضحى الى هذه المرحلة، وقد يكونان (جزا سورة العلق والضحى) أيضا من نوع الوحى ذى الطبيعة الخاصة (الموجه لمحمد ﷺ خاصة) الذى لم يعتبره محمد ﷺ جزا من القران الكريم (كيف هذا؟ هذه غير مفهومة، واذا كان الأمر كذلك فلم نجد ايات السورتين فى مصاحفنا؟ - المترجم) . وعند نهاية هذه السنين الثلاث، كانت الفترة (وهو المصطلح الذى يعنى انقطاع الوحى)، وقد يكون الانتقال من خصوصية الوحى (أى توجيهه للرسول ﷺ دون تكليفه بابلاغه) الى عموميته (أى توجيهه لمحمد ﷺ وتكليفه بابلاغه الى أهل مكة) هو الوقت المناسب للرؤى، ففى هذه الفترة الانتقالية خاطب الوحى محمدا ﷺ باعتباره (رسول الله)، وفى هذه المرحلة الانتقالية نزلت سورة المدثر (رغم أن ارتباطها بالرؤى فى الروايات المتداولة لا يعد برهانا كافيا بسبب الانفصال الذى يحول بيننا وبين فهم طبيعتها المركبة) ويمكن للمرء أن يتوقع أن محمدا ﷺ تكلم فى المسائل الدينية مع أصدقائه المقربين خلال فترة الاعداد، لكنه أمر غريب

(٣٤) انظر نولدكه- شفالى، ١، ٩؛ وفلهاوزن. ١٣٥ Reste * لا هذه ولا تلك، فالوحى لا يستحث ولا يستحضر برغبة الانسان، ولو كان الأمر بهذه البساطة لما حزن الرسول ﵊ لانقطاع الوحى. أما الاحتمال الثانى، فهو بعيد لأن الله سبحانه عندما تجلى للجبل جعله دكا، كما فى قصة سيدنا موسى كما وردت فى القران الكريم. (٣٥) الطبرى، ١٢٦٩، ٥. ** يقصد التفاصيل لا المسار العام للحوادث.

1 / 117