المحلى
محقق
عبدالغفار سليمان البنداري
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
بدون طبعة وبدون تاريخ [؟؟]
مكان النشر
بيروت [؟؟]
تصانيف
الفقه الظاهري
إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ثنا أَبِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ: «وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إلَّا اللَّهُ ﷿ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ يَعْنِي الْمُوبَقَ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ حَتَّى يُنَجَّى» .
وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ ثنا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا ثنا مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ - أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ ثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً» . قَالَ عَلِيٌّ: وَلَيْسَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا «إنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» بِمُعَارِضٍ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ، وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، كَمَا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] وقَوْله تَعَالَى فِي النَّصَارَى حَاكِيًا عَنْ عِيسَى ﵇ أَنَّهُ قَالَ: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨] قَالَ اللَّهُ: ﴿هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ﴾ [المائدة: ١١٩] لَيْسَ بِمُعَارِضٍ لِهَذَيْنِ النَّصَّيْنِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَنَّهُ قَدْ يَغْفِرُ وَلَا يُعَذِّبُ مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ، وَالْمُبَيِّنُ لِأَحْكَامِ هَؤُلَاءِ مِمَّا ذَكَرْنَا هُوَ الْحَاكِمُ عَلَى سَائِرِ النُّصُوصِ الْمُجْمَلَةِ.
وَكَذَلِكَ تَقْضِي هَذِهِ النُّصُوصُ عَلَى كُلِّ نَصٍّ فِيهِ: مَنْ فَعَلَ كَذَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ، وَعَلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٣] وَمَعْنَى كُلِّ هَذَا أَنَّ اللَّهَ يُحَرِّمُ الْجَنَّةَ عَلَيْهِ حَتَّى يُقْتَصَّ مِنْهُ، وَيُحَرِّمُ النَّارَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُدَ فِيهَا أَبَدًا، وَخَالِدًا فِيهَا مُدَّةً حَتَّى تُخْرِجَهُ الشَّفَاعَةُ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِ النُّصُوصِ كُلِّهَا. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ النَّاسُ فِي الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ]
٨٤ - مَسْأَلَةٌ: وَالنَّاسُ فِي الْجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَفْضَلُ النَّاسِ
1 / 64