الثعلب :
لا أعرف من منكما أطيع.
الحصان :
جاوب على سؤال الحمار.
الثعلب :
أنا أعمل بقول الأسد، وأصلي في مخدعي، فلا حاجة لي بالكوخ المقدس الذي لم يأمر السيد بتشييده، أليس هو القائل: «ومتى صليت فلا تكن كالمرائين، فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع، وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس، وأما أنت فمتى صليت فادخل مخدعك، وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء». فمن هذا يستدل على أن السيد كان يكره الجوامع والهياكل والأكواخ المقدسة، ومن كان ينتابها لغايات رديئة، ولم يأمر قط بتشييد الأكواخ؛ لأنه قال: «صلوا في مخادعكم»، فلو أراد بناية كوخ لما حذرنا من الصلاة في المحلات العمومية، ومن ثم أنا لا أقر لكم بسلطة قط، وأنكر كل النكران زعمكم أن الله - عز وجل - سلطكم علينا، فما جاء في كتاب السيد في هذا الموضوع يناقض ادعاءكم كل المناقضة، أليس هو القائل: «أما أنتم فلا تدعوا سيدي؛ لأن معلمكم واحد هو الأسد، وأنتم جميعا إخوة، ولا تدعوا لكم أبا على الأرض؛ لأن أباكم واحد الذي في السماوات، ولا تدعوا معلمين؛ لأن معلمكم واحد وهو الأسد»، فهل تظنون أنني أطيعكم، وأعصي السيد؟ هل تنتظرون مني نبذ أقواله، واتباع أقوالكم؟ من هو أعظم؟ أأنتم أم الأسد الفيلسوف الصالح؟ ومن هو أحق بأن يتبع المالك الحقيقي أم المختلس الملك؟ وما لنا ولهذا الآن أتريدون أن تفيدوني كيف يكون الابن متساويا مع الأب؟ فهل خلق الاثنان في يوم واحد؟ وكيف يمكن ذلك؟
الحصان :
قلت لك أولا، وثانيا أن تقلع عن السؤالات، فأنت في المجلس لتجاوب، وليس لتستنطق، فكن محتشما وقليل الكلام؛ إذ إن فصاحتك لا تجديك نفعا في هذا الديوان، جاوب على سؤالنا: هل تعتقد بألوهية الأسد؟
الثعلب :
لا، ولا بنبوة الجمل؛ فالاثنان عندي قائدان عظيمان يستحقان الإكرام والاحترام، ولو اعتبرتهما كإلهين لا أستطيع أن أكرمهما أكثر من إكرامي لهما كقائدين وفيلسوفين؛ إذا الاعتقاد بألوهية الأسد غير ضروري لمن يعمل بأقواله، ويسلك مسلكه، ويقتدي بأعماله.
صفحة غير معروفة