أصحيح أن بعض الثعالب قد خرجوا من عربتكم المقدسة، وأخذوا لأنفسهم الأوتوموبيل مؤخرا، وثاروا عليكم، وحاولوا كسر العربة التي تركبونها، وتسميم الحمار الذي يجرها؟
الحمار :
إن هذا لصحيح، وهو أمر يدمي فؤادي؛ فإني أحزن على كل ثعلب يهجرنا؛ لأني مؤكد بأن العربة الكهربائية التي يتخذها لنفسه لا بد أن تقوده يوما ما إلى الهلاك؛ لأنه لا يقدر على ضبط قوتها، فهي بيده كالسيف بيد المجنون أو الطفل. حقا إن أمر هؤلاء الثعالب يشق علي؛ فأنا دائما أجتهد لردهم إلى الهداية، وأحاول إقناعهم بالبرهان والحجة والمنطق، غير أنهم متغطرسون لا يرضخون، وذوو عناد لا يسمعون، وجهلاء لا يفهمون، وقليلو العقل لا يدركون، وضعيفو الدماغ لا يحدون ولا يميزون.
أحد البغال :
إذن قد أخذت القوات الكهربائية أن تظهر في جمعيتكم، ويجب أن تشرعوا في مقاومتها من الآن قبل أن يتسع انتشارها فتقوى عليكم وتسحقكم.
الحمار :
إن أمور هؤلاء الثعالب الطلاب ليست لتشغل الفكر وتقلق البال، فلا تأثير لأعمالهم على عقول الحكماء المتدينين، ولا صدى لأقوالهم في قلوب المتخشعين المعتدلين المتحفظين.
وعند هذا الكلام شعر الحمار باهتزاز جبته، فحول رأسه، وإذا بأحد الحمير يهمس بأذنه قائلا: «لا تعمم إن الثعلب على يمينك»، فتذكر ذلك الخطيب ولطف عبارته قائلا: ولنا والحمد لله تعزية في أن عدد هؤلاء المجدفين قليل جدا؛ إذ إن معشر الثعالب المتنورين المهذبين المحافظين على آدابهم لا يزالون معنا، هم سائرون في عربتنا المقدسة فيحترمون حميرهم، ولا يبخلون عليهم، ولا يثقلون لهم الأحمال، بل يتركونهم مارحين في المراعي الرحبة المخصبة، سارحين في أنحاء العالم، يأكلون من غزير الخيرات، ويجمعون كنوزا من المال ينفقونها على تشييد إسطبلات فخيمة لأنفسهم، إن هؤلاء الثعالب لأتقياء، وسينالون جزاءهم عند ربهم في السماء، أما أولئك الكفار المجدفين فتغفر لهم زلاتهم؛ كي يغفر لنا أبونا الذي في السماوات زلاتنا.
الحصان :
أيسمح لي الحمار المحترم بأن أقاطعه بسؤال صغير؟
صفحة غير معروفة