155

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء

الناشر

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ

مكان النشر

بيروت

وقيل: إذا أردت أن تعرف عقل الرجل فحدّثه في خلال حديثك بما لا يكون فإن أنكره فهو عاقل، وإن صدّقه فهو أحمق. وقيل: كذّب بالمحالات «١»، وأقر بالواجبات، وتوقّف عن الممكنات. ذكر أكاذيب متناهية تكاذب أعرابيان، فقال أحدهما: خرجت مرّة على فرس، فإذا أنا بظلمة فيمّمتها، حتى وصلت إليها. فإذا قطعة من الليل فأنبهتها فما زلت أحمل عليها حتى اصطدتها. وقال الآخر: رميت مرّة ظبيا بسهم فعدل الظبي فعدل السهم خلفه فعلا الظبي ثم انحدر، فانحدر السهم حتى أصابه. وقال رجل لرؤبة: إن حدثتني بحديث لم أصدقك عليه، فلك عندي جارية. فقال: ابق لي غلام يوما فاشتريت يوما بطيخة فلما قطعتها وجدته فيها، فقال: قد علمت. فقال: دبّر لي فرس فعالجته بقشور الرمان فنبت على ظهره شجرة رمان تثمر كلّ سنة. فقال: قد علمت. فقال: لما مات أبوك كان لي عليه ألف دينار، فقال: كذبت يا ابن الفاعلة. فأخذ الجارية. وقال بعضهم: كان لأبي منقاش «٢» اشتراه بعشرين ألف درهم، فقيل له: إذا كان من جواهر أو مكللا فقال: ولكن كان إذا نتف به شعرة بيضاء عادت سوداء. وقال رجل: كان أبي زرع سنة السلجم «٣»، وكان يبلغ مساحة كل شجرة جريب «٤» أرض. فقال الآخر: كان أبي اتخذ مرجلا «٥» في بعض السنين، وكان يعمل فيه خمسون أستاذا، لا يسمع كل واحد منهم صوت مطرقة الآخر، فقال صاحبه: ما أكذبك أي شيء كان يطبخ في ذلك المرجل؟ فقال: السلجم الذي زرعه أبوك. وقالت ليلى لأبيها أرأيت قول أبيك: بجيش تضلّ البلق في حجراته ... بيثرب أخراه بالشأم قادمه كم كنتم يومئذ؟ فقال: حضرتها وكنت أنا وابني ومعنا اثنان.

1 / 159