مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
محقق
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الشافعي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
سَاهِرَةً، وَلَا يَأْكُلُ مِنْ فَوَاكِهِ دِمَشْقَ لِمَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ الشُّبَهِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ تَنَعُّمًا وَانْخَرَطَ فِي سِلْكِ ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨] وَكَانَ يَقْتَاتُ مِمَّا يَأْتِيهِ مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْهِ كَفَافًا، وَيُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ الَّذِينَ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَزَوَّجْ إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا مُعَافًى، وَلَا يَأْكُلُ إلَّا أَكْلَةً وَاحِدَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَا يَشْرَبُ إلَّا شَرْبَةً وَاحِدَةً عِنْدَ السَّحَرِ وَلَا يَشْرَبُ الْمَاءَ الْمُبَرَّدَ الْمُلْقَى فِيهِ الثَّلْجُ، وَكَانَ كَثِيرَ السَّهَرِ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّصْنِيفِ آمِرًا بِالْمَعْرُوفِ وَنَاهِيًا عَنْ الْمُنْكَرِ يُوَاجِهُ الْمُلُوكَ فَمَنْ دُونَهُمْ، وَحَجَّ حَجَّتَيْنِ مَبْرُورَتَيْنِ لَا رِيَاءَ فِيهِمَا وَلَا سُمْعَةَ، وَطَهَّرَ اللَّهُ مِنْ الْفَوَاحِشِ قَلْبَهُ وَلِسَانَهُ وَسَمْعَهُ وَتَوَلَّى دَارَ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَسِتّمِائَةٍ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَعْلُومِهَا شَيْئًا إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ يَلْبَسُ ثَوْبًا قُطْنًا وَعِمَامَةً سُخْتِيَانِيَّةً وَفِي لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ، وَعَلَيْهِ سَكِينَةٌ وَوَقَارٌ فِي حَالِ الْبَحْثِ مَعَ الْفُقَهَاءِ وَفِي غَيْرِهِ. وُلِدَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتّمِائَةٍ بِنَوَى ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدِهِ، وَزَارَ الْقُدْسَ وَالْخَلِيلَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَمَرِضَ بِهَا عِنْدَ أَبَوَيْهِ وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ رَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتّمِائَةٍ وَدُفِنَ بِبَلَدِهِ، وَهَذِهِ إشَارَةٌ لَطِيفَةٌ ذَكَرْنَاهَا مِنْ بَعْضِ مَنَاقِبِهِ تَبَرُّكًا بِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَحَلَّهُ رِضَا رِضْوَانِهِ، وَمَتَّعَهُ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَبِالدَّانِي مِنْ ثِمَارِ جِنَانِهِ. وَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمِنْ أَعْظَمِ شُرُوطِهَا الطَّهَارَةُ لِقَوْلِهِ ﷺ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ طَبْعًا فَقُدِّمَ وَضْعًا بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِهَا فَقَالَ: هَذَا:
1 / 113