213

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

كِتَابُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَاتُ خَمْسٌ ــ [مغني المحتاج] [كِتَابُ الصَّلَاةِ] ِ جَمْعُهَا صَلَوَاتٌ، وَهِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] [التَّوْبَةُ] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ، وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَلِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى التَّعَطُّفِ عُدِّيَتْ بِعَلَى، وَشَرْعًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَلَا تُرَدُّ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغَالِبِ، فَتَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ. وَقَدْ بَدَأَ بِالْمَكْتُوبَاتِ؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ وَأَفْضَلُ، فَقَالَ (الْمَكْتُوبَاتُ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ الْعَيْنِيَّةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (خَمْسٌ) مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] [الْبَقَرَةُ]: أَيْ حَافِظُوا عَلَيْهَا دَائِمًا بِإِكْمَالِ وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا، وقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] [النِّسَاءُ]: أَيْ مُحَتَّمَةً مُوَقَّتَةً، وَأَخْبَارٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ «كَقَوْلِهِ ﷺ: فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» (١)، وَقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، وَقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» (٢) . وَأَمَّا وُجُوبُ قِيَامِ اللَّيْلِ فَنُسِخَ فِي حَقِّنَا، وَهَلْ نُسِخَ فِي حَقِّهِ ﷺ؟ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا، وَالصَّحِيحُ: نَعَمْ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ النِّكَاحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْعَيْنِيَّةُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، لَكِنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ الْمَفْرُوضَاتِ الْعَيْنِيَّةِ وَلَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ إلَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ وَهُوَ رَأْيٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَكَانَ فَرْضُ الْخَمْسِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. فَائِدَةٌ: فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الصُّبْحَ كَانَتْ صَلَاةَ آدَمَ، وَالظُّهْرَ كَانَتْ صَلَاةَ دَاوُد، وَالْعَصْرَ كَانَتْ صَلَاةَ سُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبَ كَانَتْ صَلَاةَ يَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ كَانَتْ صَلَاةَ يُونُسَ وَأَوْرَدَ

1 / 297