210

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَأَقَلُّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ، وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ، وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ، ــ [مغني المحتاج] يُسَمَّى قَوْلَ السَّحْبِ. وَالثَّانِي: أَنَّ النَّقَاءَ طُهْرٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إذَا دَلَّ عَلَى الْحَيْضِ وَجَبَ أَنْ يَدُلَّ النَّقَاءُ عَلَى الطُّهْرِ، وَهَذَا يُسَمَّى قَوْلَ اللَّقْطِ وَقَوْلَ التَّلْفِيقِ، أَمَّا النَّقَاءُ بَعْدَ آخِرِ الدِّمَاءِ فَطُهْرٌ قَطْعًا، وَإِنْ نَقَصَتْ الدِّمَاءُ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ فَهِيَ دَمُ فَسَادٍ، وَإِنْ زَادَتْ مَعَ النَّقَاءِ بَيْنَهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهِيَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُجْعَلُ النَّقَاءُ طُهْرًا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إجْمَاعًا وَفِيمَا إذَا زَادَ النَّقَاءُ عَلَى الْفَتَرَاتِ الْمُعْتَادَةِ بَيْنَ دَفَعَاتِ الْحَيْضِ. أَمَّا الْفَتَرَاتُ فَهِيَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَتْرَةِ وَالنَّقَاءِ كَمَا قَالَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْفَتْرَةَ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا جَرَيَانُ الدَّمِ وَيَبْقَى أَثَرٌ لَوْ أَدْخَلَتْ قُطْنَةً فِي فَرْجِهَا لَخَرَجَتْ مُلَوَّثَةٌ، وَالنَّقَاءُ أَنْ تَخْرُجَ نَقِيَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَالدَّمُ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ كَالْخَارِجِ بَعْدَ عُضْوٍ انْفَصَلَ مِنْ الْوَلَدِ الْمُجْتَنِّ لِخُرُوجِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الرَّحِمِ كَدَمِ الْحَامِلِ بَلْ أَوْلَى بِكَوْنِهِ حَيْضًا إذْ إرْخَاءُ الدَّمِ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقْرَبُ مِنْهُ قَبْلَهُمَا لِانْفِتَاحِ فَمِ الرَّحِمِ لِلْوِلَادَةِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ: إنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ وَالنَّقَاءُ بَيْنَ الدَّمِ حَيْضٌ ثُمَّ أَصْلَحَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ بَيْنَ أَقَلِّ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْسَحِبُ إذَا بَلَغَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ أَقَلَّ الْحَيْضِ اهـ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا السُّبْكِيُّ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَقَدْ رَأَيْت نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ الَّتِي بِخَطِّهِ، وَقَدْ أُصْلِحَتْ كَمَا قَالَ بِغَيْرِ خَطِّهِ. ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَأَقْسَامِهَا شَرَعَ فِي ذِكْرِ النِّفَاسِ وَقَدْرِهِ فَقَالَ: (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ) مَجَّةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ أَيْ دَفْعَةٌ، وَزَمَانُهَا (لَحْظَةٌ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ: أَيْ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا، وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ كَمَا قَالَ فِي الْإِقْلِيدِ وَاحِدٌ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ لُغَةً الْوِلَادَةُ، وَشَرْعًا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ؛ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَقِبَ النَّفَسِ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَنَفَّسَ الصُّبْحُ إذَا ظَهَرَ، وَيُقَالُ لِذَاتِ النِّفَاسِ: نُفَسَاءُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلَّا نَاقَةٌ عَشْرَاءُ فَجَمْعُهَا عِشَارُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ [التكوير: ٤] [التَّكْوِيرُ] وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ نَفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَبِكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَيُقَالُ فِيهَا: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) يَوْمًا (وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ) يَوْمًا اعْتِبَارًا بِالْوُجُودِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» (١) فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ، أَوْ عَلَى نِسْوَةٍ مَخْصُوصَاتٍ، فَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» . وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ: فَقِيلَ: بَعْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: أَقَلُّ الطُّهْرِ، فَأَوَّلُهُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ

1 / 294