مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

الخطيب الشربيني ت. 977 هجري
19

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَوَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ أَوْ أَهَمِّ الْمَطْلُوبَاتِ لَكِنْ فِي حَجْمِهِ كِبَرٌ يَعْجِزُ عَنْ حِفْظِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعَصْرِ إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ، فَرَأَيْت اخْتِصَارَهُ فِي نَحْوِ نِصْفِ ــ [مغني المحتاج] إلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلٌ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ الْخَطَأَ إلَى الْقَلِيلِ أَقْرَبُ (وَوَفَى) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (بِمَا الْتَزَمَهُ) حَسْبَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَيْهِ التَّصْحِيحَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ مَنْ فَهِمَ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَنُصُّ إلَّا مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ فَقَدْ أَخْطَأَ فَهْمُهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ فِي خُطْبَةِ الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ نَاصٌّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْمُعْظَمُ مِنْ الْوُجُوهِ وَالْأَقَاوِيلِ، وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لَا يَنُصُّ إلَّا عَلَى ذَلِكَ، وَكَيْفَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ كَقَوْلِهِ: إنَّ مَوْضِعَ التَّحْذِيفِ مِنْ الْوَجْهِ، وَإِنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنٌ قَصِيرٌ، وَمَنَعَ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يَجْزِمُ فِي الْمُحَرَّرِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ فِي انْصِرَافِ الْمَعْذُورِ إذَا حَضَرَ الْجَامِعَ وَفِي الزَّكَاةِ فِي الْعَلَفِ الْمُؤَثِّرِ، بَلْ الْكُتُبُ الَّتِي لَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا مَشْحُونَةٌ بِمَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ، مِنْ النُّصُوصِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي لِلنَّاظِرِ الْعَجَبَ مِنْ كَثْرَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ: مَا الْتَزَمَهُ (مِنْ أَهَمِّ أَوْ) هُوَ (أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ) لِطَالِبِ الْفِقْهِ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِهِ، وَكَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِلْمُصَنِّفِ: لَمَّا كَانَ الْمُحَرَّرُ بِهَذَا الْوَصْفِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ تَخْتَصِرُهُ؟ فَاعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لَكِنْ فِي حَجْمِهِ) أَيْ: الْمُحَرَّرِ (كِبَرٌ) وَحَجْمُ الشَّيْءِ مَلْمَسُهُ النَّاتِئُ تَحْتَ الْيَدِ، وَالْكِبَرُ نَقِيضُ الصِّغَرِ (يَعْجِزُ عَنْ حِفْظِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعَصْرِ) الرَّاغِبِينَ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ الْهِمَمَ قَدْ تَقَاصَرَتْ عَنْ حِفْظِ الْمُطَوَّلَاتِ، بَلْ وَالْمُخْتَصَرَاتِ، وَصَارَتْ عَلَى النَّذْرِ الْيَسِيرِ مُقْتَصِرَاتٍ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَهُوَ مَنْ سَهَّلَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يَكْبُرُ: أَيْ: يَعْظُمُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ (فَرَأَيْتُ) مِنْ الرَّأْيِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ لَا مِنْ الرُّؤْيَةِ (اخْتِصَارَهُ) بِأَنْ لَا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِهِ. وَالِاخْتِصَارُ إيجَازُ اللَّفْظِ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْنَى، وَقِيلَ: مَا دَلَّ قَلِيلُهُ عَلَى كَثِيرِهِ (فِي نَحْوِ نِصْفِ

1 / 103