مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

الخطيب الشربيني ت. 977 هجري
108

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَالْمُوَالَاةُ، وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ. وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ وَالنَّفْضِ، وَكَذَا التَّنْشِيفُ فِي الْأَصَحِّ ــ [مغني المحتاج] «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَمَعْنَى غُرًّا مُحَجَّلِينَ بِيضُ الْوُجُوهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَالْفَرَسِ الْأَغَرِّ وَهُوَ الَّذِي فِي وَجْهِهِ بَيَاضٌ. وَالْمُحَجَّلُ: وَهُوَ الَّذِي قَوَائِمُهُ بِيضٌ، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ الثَّانِي. وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَفِيهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهَا (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَمِزَاجِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا، هَذَا فِي غَيْرِ وُضُوءِ الضَّرُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَإِلَّا فَتَجِبُ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ عِنْدَ عُزُوبِهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ (وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ ﷺ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» وَدَلِيلُ الْجَدِيدِ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَدُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى عَلَيْهَا» قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - التَّفْرِيقُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يُبْطِلُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ، فَكَذَا الْكَثِيرُ كَالْحَجِّ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي اُسْتُنِدَ إلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ. ضَعِيفٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي طُولِ التَّفْرِيقِ. أَمَّا بِالْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا. وَقِيلَ: يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ إجْمَاعًا. (وَ) مِنْ سُنَنِهِ (تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِالصَّبِّ عَلَيْهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ ﷺ وَلِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ التَّنْعِيمِ وَالتَّكَبُّرِ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ، وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ، وَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: تُكْرَهُ. وَخَرَجَ بِقَيْدِ الصَّبِّ الِاسْتِعَانَةُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَالِاسْتِعَانَةُ بِإِحْضَارِ الْمَاءِ فَهِيَ لَا بَأْسَ بِهَا. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَلَا تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا مَكْرُوهَةً دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ، بَلْ قَدْ تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّطَهُّرُ إلَّا بِهَا وَلَوْ بِبَذْلِ أُجْرَةٍ مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِتَرْكِ الِاسْتِعَانَةِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَفْعَالِ، لَا طَلَبُ الْإِعَانَةِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ اقْتَضَى التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِعَانَةِ عَدَمَ ثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ حِينَئِذٍ وَإِذَا اسْتَعَانَ بِالصَّبِّ فَلْيَقِفْ الْمُعِينُ عَلَى الْيَسَارِ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَأَمْكَنُ وَأَحْسَنُ أَدَبًا. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) مِنْ سُنَنِهِ تَرْكُ (النَّفْضِ) لِلْمَاءِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى. وَقِيلَ: مَكْرُوهٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَقِيلَ: مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَنُكَتِ التَّنْبِيهِ (وَكَذَا التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ: أَيْ تَرْكُهُ مِنْ بَلَلِ مَاءِ الْوُضُوءِ بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ أَثَرَ الْعِبَادَةِ، «وَلِأَنَّهُ ﷺ بَعْدَ غَسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَتَتْهُ مَيْمُونَةُ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ لِإِبَاحَةِ النَّفْضِ فَقَدْ يَكُونُ فَعَلَهُ ﷺ لِبَيَانِ الْجَوَازِ.

1 / 192