مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

الخطيب الشربيني ت. 977 هجري
100

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ وَتَغَيُّرِ الْفَمِ، وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ. ــ [مغني المحتاج] فَكَانَ كَالْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَلْيَنْوِ بِهِ السُّنَّةَ كَمَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالْجِمَاعِ النَّسْلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَنِيَّتُهُ تَشْمَلُهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يُعَوِّدَهُ الصَّغِيرَ لِيَأْلَفهُ، وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ كَمَا قَدَّرْتُهُ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِئَلَّا يُوهِمُ الْحَصْرَ، فَإِنَّ لَهُ سُنَنًا لَمْ يَذْكُرْهَا، وَسَأَذْكُرُ شَيْئًا مِنْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ) وَلَوْ نَفْلًا، وَلِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ نَحْوِ التَّرَاوِيحِ، أَوْ لِمُتَيَمِّمٍ، أَوْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، أَوْ صَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْفَمُ مُتَغَيِّرًا وَاسْتَاكَ فِي وُضُوئِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ بِلَا سِوَاكٍ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَجَبْتُ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ بِأَجْوِبَةٍ بَعْضُهَا لِشَيْخِنَا، وَلِلطَّوَافِ وَلَوْ نَفْلًا وَلِسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ. وَلَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَاكَ قَبْلَ تَحَرُّمِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ بَعْدَهُ هَلْ يُسَنُّ أَنْ يَتَدَارَكَهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ يَتَدَارَكُ بِأَفْعَالٍ خَفِيفَةٍ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) بِتَثْلِيثِ فَائِهِ أَوْ الْأَسْنَانِ بِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ جُوعٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ أَوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا قَامَ مِنْ النَّوْمِ يَشُوصُ فَاهُ: أَيْ: يُدَلِّكُهُ بِالسِّوَاكِ» وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّغَيُّرِ، وَكَمَا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِيمَا ذُكِرَ يَتَأَكَّدُ أَيْضًا لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ، وَلِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَلِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِنَوْمٍ، وَلِيَقَظَةٍ كَمَا مَرَّ وَلِدُخُولِ مَنْزِلِهِ، وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ، وَفِي السَّحَرِ، وَلِلْأَكْلِ، وَبَعْدَ الْوِتْرِ؛ وَلِلصَّائِمِ قَبْلَ وَقْتِ الْخُلُوفِ، كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. (وَلَا يُكْرَهُ) بِحَالٍ (إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) وَلَوْ نَفْلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» (١) وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِخَبَرِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا» . ثُمَّ قَالَ: «وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَكُرِهَتْ إزَالَتُهُ. وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمٍ الْآنَ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ لِعَارِضٍ كَأَنْ نَسِيَ نِيَّةَ الصَّوْمِ لَا يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمٍ حَقِيقَةً. وَالْمَعْنَى فِي اخْتِصَاصِهَا بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّ تَغَيُّرَ الْفَمِ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ تَسَحَّرَ أَوْ تَنَاوَلَ فِي اللَّيْلِ شَيْئًا أَوْ لَا، فَيُكْرَهُ لِلْمُوَاصِلِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ فَمُهُ بِأَكْلٍ أَوْ نَحْوِهِ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَسْتَاكُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَبْقَى خُلُوفٌ غَالِبًا إذْ لَا بُدَّ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمُورُ فَعَارِضَةٌ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا ذُكِرَ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ حُرِّمَ إزَالَةُ دَمِ

1 / 184