المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري

عادل مصطفى ت. 1450 هجري
221

المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري

تصانيف

أي أن له قوة مفترضة تظل قائمة ما لم تنقض باعتبار أعلى.

يستند الاستدلال بالقرينة على مفهوم عبء البينة، فالسمة المحورية لهذا الاستدلال هي أنه يعكس عبء البينة وينقلها إلى الطرف الآخر، فالدواء الذي تبين أنه غير سام للقوارض يعد مأمونا للإنسان مبدئيا، ولا تسقط عنه هذه الصفة ما لم يثبت بالدليل أنه سام للإنسان، ذلك أنه قد ينقذ حياة المرضى، وقد يسعفنا في العلاج، ومن «الحكمة العملية»

phronesis

أن نجيز استعماله في ضوء معرفتنا المتاحة، ما لم يبرز لنا دليل جديد في المستقبل يشير إلى أضرار للدواء لم تكن بحسباننا.

وفي مجال العقل العملي نحن نسترشد بمجموعة من القواعد الأخلاقية حين تدعونا مواقف الحياة إلى الفعل الفوري ولا تتيح لما وقتا للتفكر والتروي: لدينا قاعدة أخلاقية بألا نقتل، ولا نكذب، ولا نفشي الأسرار ... إلخ، إنها قواعد «قابلة للإبطال أو الإلغاء»

defeasible ، بمعنى أنها تظل نافذة ملزمة ما لم تنقض بحجة عكسية ساطعة، إنها تضع عبء البينة على من يريد نقضها في موقف معين، مثال ذلك أن هناك قاعدة أخلاقية ضد الكذب: إن إطاعة هذه القاعدة ليست بحاجة إلى تبرير خاص، غير أن هناك ظروفا قد يجوز فيها أن يكذب المرء، عندئذ تكون البينة عليه، أي أن عليه أن يبرر كذبه بالحجة.

6

وفي مجال القضايا الجنائية يقع عبء الدليل على الادعاء، وعلى الدفاع أن يبين الثغرات أو نقاط الضعف في حجة الادعاء، وليس عليه أن يثبت براءة المتهم ابتداء (لأن الأصل براءة الذمة)، ذلك مثال للمبدأ القائل: «البينة على من ادعى»

He who asserts must prove ، والحكمة في ذلك الانحياز المبدئي (إلى جانب المتهم) هي أن الدليل في القضايا الجنائية قد يكون ظنيا لأنه يقوم على إعادة بناء أحداث الماضي، وهو أمر يعتمد بالضرورة على الحدس والتخمين، ومن ثم فاحتمال الخطأ قائم؛ لذا يقوم المشرع بتقنين الجدل القانوني بطريقة من شأنها أن تقلص حالات إدانة أشخاص أبرياء إلى أدنى حد ممكن، حتى لو كان ذلك يكلفنا إفلات أشخاص مذنبين من العقاب في أحيان كثيرة، باعتبار أن الظلم الحاصل من إدانة بريء واحد يفوق الحاصل من تبرئة عدة مذنبين.

وفي القضايا المدنية يقع عبء البينة على المدعي

صفحة غير معروفة