Mort Dicu (في الإنجليزية
Zounds Goodness )، إذن فالألفاظ التي توحي بمعناها وألفاظ التعجب ذات أهمية ثانوية، وأصلها الرمزي موضع خلاف.»
19
وقع كثير من النحاة العرب في الغلو في خصائص اللغة، وذهب بهم إعجابهم باللغة العربية بعيدا بحيث تصوروا فيها ما لا وجود له إلا في خيالهم، وأضفوا عليها من مظاهر السحر ما لا يصح في الأذهان ولا تتصف به لغة من لغات البشر،
20
من ذلك أنهم كانوا يؤمنون إيمانا قويا بوجود «مناسبة» بين اللفظ والمعنى، أو رابطة عقلية منطقية بين الأصوات ومدلولاتها، ولا يتصورون أن الأمر يمكن أن يكون اعتباطيا مرده إلى التكرار والعادة، وأن يكون وهما ناتجا عن التداعي وميل العقل إلى الربط والتعميم. يقول ابن جني في كتابه «التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري»: «وقد ذهب بعضهم إلى أن العبارات كلها إنما أوقعت على حكاية الأصوات وقت وقوع الأفعال، ولا أبعد أن يكون الأمر كذلك، ثم إنها تداخلت وضورع ببعضها بعض، ألا ترى أن الخضم لكل رطب والقضم لكل يابس، وبين الرطب واليابس ما بين الخاء والقاف من الرخاوة والصلابة ... وهذا باب إنما يصحب وينجذب لمتأمله إذا تفطن وتأتى له، ولاطفه ولم يجف عليه، ومنه قولهم: «بحثت» التراب ونحوه، وهو على ترتيب الأصوات الحادثة عنده، فالباء للخفقة بما يبحث به عن التراب، والحاء فيما بعد كصوت رسوب الحديدة ونحوها إذا ساخت في الأرض، والثاء لحكاية صوت ما ينبث من التراب فتأمله، فإن فيه غموضا. فأما قولهم: بحثت عن حقيقة هذا الأمر، وبحثت عن حقيقة هذه المسألة فاستعارة للمبالغة في طلب ذلك المعنى، ولا تترك الحقيقة إلى المجاز إلا لضرب من المبالغة، ولولا ذلك لكانت الحقيقة أولى من المجاز.»
21
وفي «الخصائص»: «فإن كثيرا من هذه اللغة وجدته مضاهيا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي عبر بها عنها، ألا تراهم قالوا قضم في اليابس، وخضم في الرطب؛ وذلك لقوة القاف وضعف الخاء، فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى، والصوت الأضعف للفعل الأضعف. وكذلك قالوا: صر الجندب ، فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته، وقالوا: صرصر البازي، فقطعوه؛ لما هناك من تقطيع صوته، وسموا الغراب غاق حكاية لصوته، والبط بطا حكاية لأصواتها، وقالوا «قط الشيء» إذ قطعه عرضا، و«قده» إذا قطعه طولا؛ وذلك لأن منقطع الطاء أقصر مدة من منقطع الدال. وقالوا «مد الحبل» و«مت إليه بقرابة» فجعلوا الدال - لأنها مجهورة - لما فيه علاج، وجعلوا التاء - لأنها مهموسة - لما لا علاج فيه.»
22
ثم يقول في الفقرة التالية عليها: «نعم، وقد يمكن أن تكون أسباب التسمية تخفى علينا لبعدها في الزمان عنا»، وهو شبيه بقول أفلاطون في كراتيلوس: «إن العصور القديمة قد ألقت عليه حجابا.»
صفحة غير معروفة