318

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

محقق

محيي الدين ديب ميستو - أحمد محمد السيد - يوسف علي بديوي - محمود إبراهيم بزال

الناشر

(دار ابن كثير،دمشق - بيروت)،(دار الكلم الطيب

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

مكان النشر

دمشق - بيروت

تصانيف

وَهَيئَتُهُ حَسَنَةٌ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَن نُصلِحَ مِنكَ مَا أَفسَدتَ، فَقَصَّهَا الطُّفَيلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اللَّهُمَّ، وَلِيَدَيهِ فَاغفِر.
رواه أحمد (٣/ ٣٧١)، ومسلم (١١٦).
* * *
ــ
و(قوله: غَفَرَ لِي بِهِجرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ) دليلٌ على أن الكبائر قد تُغفَرُ بفعلِ القواعد، وفيه نَظَرٌ سيأتي في الطهارة، إن شاء الله تعالى.
و(قوله: لَن نُصلِحَ مِنكَ مَا أَفسَدتَ) دليلٌ على أنَّ المغفرةَ قد لا تتناول محلَّ الجناية، فيحصُلُ منه توزيعُ العقاب على المعاقَبِ؛ ولذلك قال ﵊: اللَّهُمَّ، وَلِيَدَيهِ فَاغفِر.
والظاهرُ: أنَّ هذا الرجلَ أدركتهُ بركةُ دعوةِ النبيِّ ﷺ، فغُفِرَ له وليدَيهِ، وكُمِّلَ له ما بقي من المغفرة عليه؛ وعلى هذا: فيكونُ قوله: لَن نُصلِحَ مِنكَ مَا أَفسَدتَ ممتدًّا إلى غايةِ دعاءِ النبيِّ ﷺ له؛ فكأنَّه قيل له: لن نصلحَ منك ما أفسدته ما لم يَدعُ لك النبيُّ ﷺ.
وهذا الحديثُ يقتضي أنَّ قَاتِلَ نفسه ليس بكافر، وأنَّه لا يُخَلَّدُ في النار، وهو موافق لمقتضى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ. وهذا الرجلُ ممَّن شاء الله أن يَغفِرَ له؛ لأنَّه إنَّما أتَى بما دون الشِّرك، وهذا بخلافِ القاتلِ نفسَهُ المذكورِ في حديث جُندُب؛ فإنَّه ممَّن شاء الله أن يعذِّبه.

1 / 324