مقدمة المؤلف قال الاستاذ الإمام الأجل فخر خوارزم رئيس الأفاضل القاسم محمود بن عمر الزمخشري رحمة الله عليه الله احمد على أن جعلني من علماء العربية وجبلني على الغضب للعرب والعصبية وأبى لي أن أنفرد عن صميم أنصارهم وأمتاز وأنضوي إلى لفيف الشعوبية وانحاز وعصمني من مذهبهم الذي لم يجد عليهم إلا الرشق بألسنة اللاعنين والمشق بأسنة الطاعنين وإلى افضل السابقين والمصلين اوجه افضل صلوات المصلين محمد المحفوف من بني عدنان بجماجمها وأرحائها النازل من قريش في سرة بطحائها المبعوث إلى الأسود والاحمر بالكتاب العربي المنور ولآله الطيبين أدعو الله بالرضوان وادعوه على أهل الشقاق والعدوان

1 / 17

ولعل الذين يغضون من العربية ويضعون من مقدارها ويريدون أن يخفضوا ما رفع الله من منارها حيث لم يجعل حيرة رسله وخير كتبه في عجم خلقه ولكن في عربه لا يبعدون عن الشعوبية منابذة للحق الأبلج وزيغا عن سواء المنهج والذي يقضى منه العجب حال هؤلاء في قلة إنصافهم وفرط جورهم واعتسافهم وذلك أنهم لا يجدون علما من العلوم الإسلامية فقهيا وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها إلا وافتقاره إلى العربية بين لا يدفع ومكشوف لا يتقنع ويرون الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنيا على علم الإعراب والتفاسير مشحونة بالروايات عن سيبوبه والأخفش والكسائي والفراء وغيرهم من النحويين البصريين والكوفيين والإستظهار في مآخذ النصوص بأقاويلهم والتشبث بأهداب فسرهم وتأويلهم وبهذا اللسان مناقلتهم في العلم ومحاورتهم وتدريسهم ومناظرتهم وبه تقطر في القراطيس أقلامهم وبه تسطر الصكوك والسجلات حكامهم فهم ملتبسون بالعربية أية سلكوا غير منفكين منها أينما وجهوا كل عليها حيثما سيروا ثم إنهم في تضاعيف ذلك يجحدون فضلها وتعليمها ويدفعون خصلها ويذهبون عن توقيرها وتعظيمها وينهون عن تعلمها وتعليمها ويمزقون أديمها ويمضغون لحمها فهم في ذلك على المثل السائر الشعير يؤكل ويذم ويدعون الإستغناء عنها وإنهم ليسوا في شق منها فإن صح ذلك فما بالهم لا يطلقون اللغة رأسا والإعراب ولا يقطعون بينهما وبينهم

1 / 18

الأسباب فيطمسوا من تفسير القرآن آثارهما وينفضوا من أصول الفقه غبارهما ولا يتكلموا في الإستثناء فإنه نحو وفي الفرق بين المعرف والمنكر فإنه نحو وفي التعريفين تعريف الجنس وتعريف العهد فإنهما نحو وفي الحروف كالواو والفاء وثم ولام الملك ومن التبعيض ونظائرها وفي الحذف والإضمار وفي أبواب الإختصار والتكرار وفي التطليق بالمصدر واسم الفاعل وفي الفرق بين أن وإن وإذا ومتى وكلما وأشباهها مما يطول ذكره فإن ذلك كله من النحو وهلا سفهوا رأي محمد بن الحسن الشيباني ﵀ فيما أودع كتاب الإيمان وما لهم لم يتراطنوا في مجالس التدريس وحلق المناظرة ثم نظروا هل تركوا للعلم جمالا وأبهة وهل أصبحت الخاصة بالعامة مشبهة وهل انقلبوا هزأة للساخرين وضحكة للناظرين هذا وإن الإعراب أجدى من تفاريق العصا وآثاره الحسنة عديد الحصى ومن لم يتق الله فى تنزيله فاجترأ على تعاطي تأويله وهو غير معرب فقد ركب عمياء وخبط خبط عشواء وقال ما هو تقول وافتراء وهراء وكلام الله منه براء وهو المرقاة المنصوبة إلى علم البيان المطلع على نكت نظم القرآن الكافل بإبراز محاسنه الموكل بإثارة معادنه فالصاد عنه كالساد لطرق الخير كيلا تسلك والمريد بموارده أن تعاف وتترك ولقد ندبني ما بالمسلمين من الإرب إلى معرفة كلام العرب وما بي من الشفقة والحدب على أشياعي من حفدة الأدب لإنشاء كتاب في

1 / 19

الإعراب محيط بكافة الأبواب مرتب ترتيبا يبلغ بهم الأمد البعيد بأقرب السعي ويملأ سجالهم بأهون السقي فأنشأت هذا الكتاب المترجم بكتاب المفصل في صنعة الإعراب مقسوما أربعة أقسام القسم الأول في الأسماء القسم الثاني في الأفعال القسم الثالث في الحروف القسم الرابع في المشترك من أحوالها وصنفت كلا من هذه الأقسام تصنيفا وفصلت كل صنف منها تفصيلا حتى رجع كل شيء إلى نصابه واستقر في مركزه ولم أدخر فيما جمعت فيه من الفوائد المتكاثرة ونظمت من الفرائد المتناثرة مع الإيجاز غير المخل والتلخيص غير الممل مناصحة لمقتبسيه أرجو أن أجتني منها ثمرتي دعاء يستجاب وثناء يستطاب والله سبحانه وعز سلطانه ولي المعونة على كل خير والتأييد والمليء بالتوفيق فيه والتسديد

1 / 20

القسم الأول: الأسماء

1 / 21