52

Mudkhal Kabir

تصانيف

الصنف العاشر وأما الصنف العاشر وهم العامة أيضا فإنهم دفعوا علم هذه الصناعة لما رأوا من كثرة خطاء من قد يدعيها وذلك لأن العامة إنما يقبلون الأشياء على التمييز الظاهر فلما رأوا كثرة خطاء من يدعي من هذه الصناعة فيما يسألون عنه من أحكام النجوم كذبوا بها ودفعوها ونسبوا أهلها إلى الجهل وقالوا هي صناعة باطلة ولو كانت صادقة لما كثر خطاء المدعين لها فيما يسألون عنه وهؤلاء غير ملومين في ردهم علم هذه الصناعة لأن أكثر من يدعيها إنما هم قوم من جهلة الناس وسقاط الأمم ينسبون أنفسهم إلى العلم بها وهم بها جهال ويضعون أنفسهم من معرفتها بحيث لا يحسنونه غلطوا عن الفهم والتمييز ورفعوا أنفسهم عن الاختلاف إلى العلماء والتعلم منهم وإنما يقرؤون بعض الكتب المستغلقة المعنى التي لا يفهمونها أو الكتب التي لا يوثق بعلم من ألفها فيجدون في معنى واحد شيئين مختلفين لا يدرون أيهما أصوب فإذا سألوا عن جنس ذلك المعنى مرة بعد مرة استعملوا في النظر فيه في كل مرة أصلا خلاف الأصل الأول لقلة علمهم بطبائع الكواكب وحالاتها ودلالاتها ويستعملون باسم هذه الصناعة ألوان التمو يه والخدع ويخدعون ضعفاء العقول من النساء والقوم المنكوبين والمغتمين من ذوي الأقدار والراغبين الراجين الآملين لأنواع السعادات من الملك والقدر والزيادة فيهما وربما تهيأ لأحدهم صواب واحد عند بعض هؤلاء باتفاق القول عن غير معرفة منهم بمعنى ذلك القول فيذكرونه ويفتخرون به ويستأكلون به صاحبه ويتناسون ما سلف من كثير خطائهم وكذبهم في سالف الأيام وهؤلاء قوم إنما قصدهم الكسب والنيل لا العلم والحكمة والتبحر في علم هذه الصناعة لأن من أراد أن يتبحر في علم أحكام النجوم فإنه يحتاج إلى معرفة الأشياء التي ذكرناها قبل لتكون تلك الأشياء سببا إلى علم هذه الصناعة وهي اختلاف حالات الكواكب ومعرفة الطبائع واتفاقها واختلافها واختلاف الأقاليم وحالاتها واختلاف أحوال الحيوان والنبات والمعادن وما يحدث في كل واحد منها عند انتقال الأزمنة في الأقاليم وسائر ما ذكرنا فيما تقدم وما نذكره فيما يتأخر ومعرفة هذه العلوم إنما يمكن في زمان كثير وبتعب شديد يعجز هؤلاء عن معرفة بعضه

صفحة ١٤٦