36

Mudkhal Kabir

تصانيف

فنقض الفيلسوف قولهم وثبت الممكن بحجج كثيرة ثم ذكر بعد ذلك أن الممكن يؤول إلى الواجب أو إلى الممتنع فالحجة الأولى في تثبيته للممكن أنه قال إن الواجبة والممتنعة معروفة في الأوقات الثلاثة بالموجوب أو الامتناع بطبيعتها فأما أفاعيلنا فهي خلاف ذلك لأنها ممكنة وذلك كمعرفتنا بالشمس إنها كانت مضيئة في الزمان الماضي وهي مضيئة الآن وتكون مضيئة فيما يستقبل وكمعرفتنا بالنار إنها كانت حارة وهي حارة الآن ويكون حارة وكذلك إن قلنا إن النار والهواء والماء والأرض كما هي الآن كذلك كانت وكذلك تكون فقد يعلم أنه صدق في الأوقات الثلاثة وهذا هو العنصر الواجب فأما العنصر الممتنع فكقولنا الإنسان كان طائراوالإنسان يطير الآن وممكن أن يطير فيما يستقبل وكذلك إن قلنا إن النار كانت باردة وهي باردة وتكون باردة فإن ذلك معروف أنه ممتنع في الأوقات الثلاثةوهو كذب فقد صار الواجب والممتنع معروفين في الأوقات الثلاثة بالوجوب أو الامتناع بطبيعتها فأما أفاعيلنا فإنها ليست كذلك لأن الإنسان إن قال كنت فيما سلف فاعلا للخير وأنا الآن فاعل للخير فإنه لا يقدر أن يقول أنا فيما استقبل أفعل الخير لا محالة لأنه لا يدري يمكنه ذلك أم لا فإذا لا يعلم الإنسان ما يريد أن يفعله علما لا شك فيه فليست هذه اضطرارا بل هي ممكنة فالممكن موجود

والحجة الثانية أنه قال إن الواجب والممتنع كل واحد منهما في جميع النوع بالسوية والممكن ليس بمستو فيه وذلك أن الحياة موجودة في جميع الناس بالاستواء والحرارة مستوية في كل النار لا يقبل شيء منها الزيادة والنقصان وكذلك جميع الممتنعة بعدها مستو عن جميع أهل النوع لأن جميع الناس يقال فيهم بالسوية إنهم لا يطيرون وإن النار غير باردة فأما الأفاعيل فليست كذلك لأن في نوع الإنسان من يعمل الخير ومنهم من يعمل الشر ومنهم من يكون عمله للخير أو للشر أكثر من عمله للآخر فإن كانت جميع الواجبة لاحقة بأهل النوع كلهم بالاستواء والممتنعة بعيدة من جميع أهل النوع كلهم على الاستواء وهما لا يتغيران وأفاعيلنا ليست بمستوية في النوع بل هي متغيرة من الخير إلى الشر ومن الشر إلى الخير في وقت بعد وقت ومن القلة إلى الكثرة ومن الكثرة إلى القلة وهي تقبل الزيادة والنقصان فهي إذا ممكنة فالممكن موجود

صفحة ١١٤