فأما أفاعيل الكواكب في الأشياء السعادة والنحوسة فإنها على خمس جهات فالأولى أنه ينفعل عن قواها في وقت واحد في شيء واحد السعادة والنحوسة معا كتفصيلها أنواعا كثيرة مختلفة من جنس واحد في وقت واحد ويكون بعض النوع أفضل من غيره أو كتفصيلها أشخاصا كثيرة من نوع واحد في وقت واحد ويكون بعضها أفضل من بعض والثاني أن يظهر للكوكب الواحد في وقت واحد السعادة والنحوسة في شيئين مختلفين كما هو موجود من فعل زحل إذا استولى على السنة في بعض النواحي البرد المفرط المهلك وفي الناحية الأخرى الاعتدال وقد يفعل مثل ذلك في اليوم الواحد والليلة الواحدة لأنه إذا كان في بعض المواضع من الفلك فهو لقوم في مكان نهارهم ولآخرين في مكان ليلهم فيدل للقوم الذين هم في مكان النهار من السعادة على شيء ويدل للقوم الذين هم في مكان الليل من النحوسة على شيء من الأشياء فقد دل في وقت واحد لأحدهما من السعادة والنحوسة على شيء خلاف ما دل عليه للآخر والثالث أن ينفعل عن قوة الكوكب السعادة والنحوسة في وقتين مختلفين بحالين مختلفين كما يظهر من فعل الشمس والكواكب لأنها إذا مالت إلى ناحية من النواحي أو سامتتها في بعض أوقات السنة فإنها تظهر أفاعيلها في ذلك الموضع فإذا مالت عنه أو تنحت عن مسامتته فإنه يزول فعلها عنه ويكون فعلها في الناحية الأخرى التي يسامتها أو يقرب منها والرابع أن الكوكب السعد ربما فعل بخاصيته فعل النحوس وأن النحس بخاصيته ربما فعل فعل السعود وذلك على وجهين أحدهما كما ذكرنا مما يحدث منها في الأزمنة في بعض المواضع الحر المفرط وفي بعضها الاعتدال والثاني باختلاف حالاتها في ذاتها أو في بروجها والخامس أن اختلاف تكو ين الأشياء إنما يكون باختلاف حركاتها التي توجد عندنا ولأن حركاتها طبيعية فالأشياء التي تنفعل عن قوى حركاتها طبيعية فأما السعودية والنحوسية التي تحدث في تلك الأشياء فهي من خاصيتها فمن هذه الجهة صار لكل كوكب خمس خواص فقد ظهر لنا الآن عدد خاصيات الكواكب وأيها السعد وأيها النحس وأيها الممتزج وأن السعود ربما ظهر لها مثل فعل النحوس والنحوس ربما ظهر لها مثل فعل السعود وأن السعودة والنحوسة من خاصيتها وأن الأشياء التي تنفعل من قوى حركاتها في هذا العالم طبيعية الفصل السادس في اختلاف حالات السعود والنحوس وانتقال طبيعة أحدهما إلى الآخر
قد ذكرنا فيما تقدم أي الكواكب السعد وأيها النحس وأيها الممتزج وأن السعادة الاعتدال والمشاكلة وأن النحوسة الإفراط والمخالفة وأنها في السعودة والنحوسة مختلفة الحالات لأن كل واحد منها قد ينتقل عن تلك الدلالة إلى غيرها باختلاف حالاتها التي تكون لها في ذاتها وفي مواضعها من البروج ومن دور الفلك إلا أنها وإن انتقلت من حال إلى حال فإن منها ما نحوسته أكثر من سعادته ومنها ما سعادته أكثر من نحوسته فأما اعتدال الكواكب فإنما يكون بحاله في نفسه كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والتشريق والتغريب والنهاري والليلي وسائر الحالات التي تكون له في ذاته وأما المشاكلة الدالة على الكون فإنما يكون بمكانه في برجه الذي يكون له فيه حظ موافق كالبيت والشرف والحد والمثلثة وسائر الحظوظ الصالحة التي للكوكب في البروج مما سنذكرها فيما نستقبل
صفحة ٤٠٢