وقد ذكر عدة من البحريين العلماء بحالاتها من اختلاف حالات بحر فارس والهند أشياء سنذكرها أما بحر فارس والهند فهما في الجملة بحر واحد لاتصال أحدهما بالآخر إلا أنهما متضادان بحالاتهما لأن بحر فارس تكثر أمواجه وتشتد ويصعب مركبه عند لين ظهر بحر الهند وسهولة مركبه وقلة أمواجه ويلين بحر فارس وتقل أمواجه ويسهل مركبه عند ارتجاج بحر الهند وتقاذف مياهه واضطراب أمواجه وظلمته وصعوبة مركبه فأول ما تبتدئ صعوبة بحر فارس عند دخول الشمس السنبلة وقربها من الاستواء الخريفي ولا يزال في كل يوم تكثر أمواجه وتتقاذف مياهه ويصعب ظهره إلى أن تصير الشمس إلى الحوت وأشد ما تكون صعوبة ظهره وكثرة أمواجه وشدتها في آخر زمان الخريف عند كون الشمس في القوس فإذا كان قرب الاستواء الربيعي يبتدئ في قلة الأمواج ولين الظهر وسهولة المركب إلى أن تعود الشمس إلى السنبلة وألين ما يكون ظهورا وأسهل مركبا في آخر زمان الربيع وهو عند كون الشمس في الجوزاء
فأما بحر الهند فهو خلافه بعينه لأنه عند كون الشمس في الحوت وقربها من الاستواء الربيعي يبتدئ في الظلمة ويغلظ مائه ويكثر أمواجه حتى لا يركبه الناس لظلمته ولصعو بته فلا يزال كذلك إلى قرب الاستواء الخريفي وأشد ما يكون ظلمته وصعوبة ظهره عند كون الشمس في الجوزاء فإذا صارت الشمس في السنبلة يقل ظلمته وتنقص أمواجه ويلين ظهره ويسهل مركبه إلى أن تصير الشمس إلى الحوت فألين ما يكون ظهرا عند كون الشمس في القوس إلا أن بحر فارس قد يركب في كل أوقات السنة فأما بحر الهند فإنه لا يركبه الناس عند هيجانه لظلمته وصعوبة مركبه
ولاختلاف حاليهما وهيجان كل واحد منهما في وقت خلاف وقت صاحبه يسميان بطبيعة الزمان الذي يهيجان فيه فأما بحر فارس فيسمى بطبيعة المرة السوداء لابتداء هيجانه في أول زمان الخريف وصعو بته وشدة قوته في آخر هذا الزمان وبقائه على حالة تلك إلى آخر زمان الشتاء وأما بحر الهند فيسمى بطبيعة المرة الصفراء لابتداء هيجانه في أول زمان الربيع وشدة قوته في آخر هذا الزمان ودوامه على حالة إلى آخر زمان الصيف
صفحة ٣٢٦