وأما قصر زمان المد فإنما يكون من جهتين إحداهما أن تكون أدلة قوة ماء المد قليلة فيكون ماء المد قليل الحركة ضعيف الجرية فلضعف حركته تكون نهاية المد عند أول الدلالة الطبيعية الدالة على نهاية المد أو قبله بزمان من الأزمنة والجهة الثانية أن تكون رياح عاصفة تستقبل جرية ماء المد فترده فينقص زمان المد عن الدلالة الطبيعية فإذا اجتمعت الدلالتان أفرطتا في قصر زمان المد
فأما الجزر فإنما يكون طول زمانه من جهتين إحداهما أن يكون زمان المد الذي كان قبله قصيرا فيزيد في طول زمان الجزر قريبا مما نقص من زمان المد الطبيعي فيطول لذلك زمان الجزر والجهة الثانية أن يكون في وقت الجزر رياح عاصفة مع جهة جرية الجزر فيقوي ذلك جريته فيطول زمان الجزر فإذا اجتمعت الدلالتان أفرطتا في طول زمان الجزر وأما قصر زمان الجزر فإنما يكون ذلك من جهتين إحداهما أن يكون زمان المد الذي كان قبله طو يلا فينقص زمان الجزر عن القدر الطبيعي والثاني أن يكون في وقت الجزر رياح عاصفة تستقبل جريته فيكون زمان الجزر قصيرا
فهذه ثماني جهات في طول زمان المد والجزر وقصرهما وهذه حكومة كلية وهي أن أقول إن المد هو الابتداء وهو الذي يفعله القمر بطبيعته وإن الجزر بعد المد وهو رجوع الماء ئلى إلى البحر بطبعه فإذا طال زمان المد فإنه يقصر زمان الجزر الذي يكون بعده وإذا قصر زمان المد طال زمان الجزر الذي بعده والرياح التي يوافق هبو بها جرية المد والجزر أيهما وافق ذلك فإن تلك الريح تزيد في قوته وفي طول زمانه والرياح التي تستقبل جريته أيهما كان فإنها تضعفه
صفحة ٣١٠