إن الاتحاد المعمول به اليوم والمرتكز على مصر والعراق لا يكون محكما قبل أن تتحد البلاد الشامية (سوريا الكبرى) أو أن توحد، وإذا بقيت هذه البلاد منقوصة السيادة تحت انتدابات أجنبية أو تشتت محلي، فأمر تمشيها مع مصر والعراق يكون من الضعف وعدم التماسك بصورة تجعلها تعجز عن القيام بما يجب عليها في هذا المضمار. (8)
من المعتقد أن بريطانيا العظمى والأمم المتحدة على أثر عهد الأطلنطي وبنتيجة ما أثبتته الحرب الحاضرة لا بد أن تكون قد عزمت هي ومن معها على تصحيح غلطات الحرب السابقة وعلى بناء الديموقراطية بناء صحيحا يجعل الأمم الشرقية في منزلة الاستقلال والشرف القومي والاستعداد، واصلة إلى الكفاءة الجديرة بالاعتماد عليها لحفظ السلام العام على طول الساحل الشمالي لأفريقيا والساحل الغربي لفلسطين وسوريا. ولذلك فالمعتقد أن أمر الوحدة متى عولج بطريقة صحيحة متساندة من العراق ومصر بعد الإصرار الكلي على وحدة سوريا أو اتحادها، سوف لا يجعل هناك مصاعب يواجهها العاملون على الاتحاد العربي إزاء إنكلترا أو أميركا. أما الانتداب الفرنسي فموقف فرنسا الحاضر هو بنفسه يقرر أن قيام فرنسا بعبء كهذا مرة أخرى ليس من الممكنات، وأن عرب سوريا الكبرى مصممون على وصولهم إلى حقوقهم في بلادهم ، وتلك الحقوق هي الاستقلال والوحدة والاتحاد، وإن هذه النتيجة ضرورة حيوية عسكرية للعراق ولتركيا ولمصر في آن واحد. (9)
أما القضية الفلسطينية فقد أعلنت بريطانيا العظمى سياستها فيها في الكتاب الأبيض الذي لم تنقضه إلى اليوم، وليس بد من إدخال فلسطين في الاتحاد أو الوحدة، وأن هذا الإدخال لا يتنافى مع أي حل كان قد قدم من أية لجنة بريطانية أوفدت لهذا أو من أي مؤتمر عربي قدم اقتراحاته في هذا الصدد، ومن الممكن الاعتماد على قرارات مؤتمر لندن بهذا الشأن أو على مقررات المؤتمر البرلماني العالمي العربي الذي عقد بمصر.
وأما لبنان فلا مانع من جعل الخيار له في الوحدة أو الاتحاد مع كل هذه البلاد العربية واحتفاظه بما يريد من شكل وكيفية، على أن مسألة لبنان الكبير هي من جملة الحقوق السورية التي لا ينبغي إغفالها. وأما السودان فهي كما معروف مصرية بريطانية. وأما شمال أفريقيا فمن المستحسن التوسل للتفاهم مع حضرة صاحب الجلالة السلطان لمراكش ومع حضرة صاحب العظمة باي تونس. أما ليبيا وطرابلس فأمرهما حتى يحين الحين، وإن الأمل في أن سيكون لليبيا كيان عربي مشكوك فيه. وأما مصر فمع كون اسمها مصر، فهي من أمهات البلاد العربية وهي الكنانة وهي التي لها من الصلات القديمة والروابط القومية ما لا يمكن التبرؤ منه والعياذ بالله.
فالبلاد العربية ترحب بالاتحاد بهذا القطر العزيز بكل قواها، وتشيد بذكر الساعين إليه وعلى الأخص زعيمها المحترم. (10)
إن أمير شرق الأردن يؤيد بكل جهده مساعي مصر والعراق ويصر على أن على مصر والعراق السعي لوحدة سوريا أو اتحادها قبل أي اتحاد عربي آخر.
فلتكن مذاكرات فخامتكم مع رفعته على هذا الأساس، وإننا ننيركم بهذه التعليمات ونترك مسألة ما يمكن أن يتجدد من أبحاث إلى فطنتكم ورويتكم المعروفتين.
حاشية: فيما يتعلق بنجد والحجاز واليمن، أرى ألا يلح عليهما فيما لا يستأنسان به، مع جعلهما على وقوف عما يجري فيما لا يعده العراق ومصر ومن معهما سرا لا يزال.
رغدان في 23 شعبان 1362 الموافق 24 آب 1943
عزيزي سمير باشا
صفحة غير معروفة