وأجاب السيد الكبير: «تعاطي القبلات خلف الباب، وكل ما هو من هذا النوع أو نحوه.» ثم انثنى يرسل نظرة وقحة أخرى، أغضبت توم أشد الغضب؛ لأن سماع عجوز - كان أولى به أن يكون أعقل من ذلك وأحجى - يتحدث في هذه الأمور وأمثالها، شيء تعرفون جيدا، أيها السادة، أنه أثقل ما يكون على النفس، وأسوأ ما يكون قيلا.
ومضى الشيخ يقول: «إنني أعرف كل شيء يا توم، وقد شاهدت مثله يقع كثيرا في زماني يا توم بين قوم لا أود أن أذكر لك أسماءهم، ولكن ذلك كله لم يأت في النهاية بنتيجة.»
وقال توم وهو ينظر إليه نظرة فضول: «لا بد من أنك شهدت العجب في شبابك.»
وأجاب الشيخ بغمزة مضطربة من عينيه، وزفرة أليمة من صدره: «لك أن تقول ذلك، إنني آخر فرد من أسرتي يا توم.»
قال بفضول: «أوكانت كبيرة العدد؟»
قال: «اثني عشر يا توم، رفيعي الظهور حسانا، تشتهي عينك أن تراها، ولم نكن كهذه الأجنة المجهضة التي شاعت في هذه الأيام، كلها أذرع، ومجرد طلاء يروقك منظره، وكان أجدر بك ألا تنخدع به.»
وسأله توم قائلا: «وماذا صنع الله بالآخرين؟»
وأجاب السيد العجوز وهو يرفع مرفقه إلى عينه: «لقد ذهبوا جميعا يا توم وانقرضوا، لقد خدمنا خدمة شاقة، ولم يكن الآخرون في مثل قوة بنيتي، فأصلبهم النقرس في سوقهم وأذرعهم، ونقلوا إلى المطابخ وغيرها من المستشفيات، وحدث لأحدهم - وكان قد ابتذل طويلا في الخدمة، وقاسى بلاء شديدا - أن فقد قواه العقلية، وبلغ جنونه حدا اقتضى إحراقه، وهي نهاية مروعة يا توم.»
وقال توم سمارت: «مرعبة.»
وسكت العجوز لحظة، والظاهر أنه كان يغالب انفعالاته، ثم عاد يقول: «ولكني يا توم قد شردت عن الموضوع، إن ذلك الرجل الطويل يا توم أفلق، وغد، أثيم، وسوف يبيع كل الأثاث الذي يحويه هذا البيت بمجرد الزواج بالأرملة، ويلوذ بأذيال الفرار، وعندئذ ماذا ستكون العاقبة؟ سوف تجد المرأة نفسها وحيدة مهجورة ضاع مالها، وحل الخراب بدارها، وسوف ألفظ أنفاسي الأخيرة في دكان أحد الراهنين.»
صفحة غير معروفة