وتم تحرير «الصك»، ودسه المستر جنجل في جيبه.
ونهض المستر واردل وهو يقول: «والآن انصرف من هذا المكان في الحال!»
وقال السيد النحيف «يا سيدي العزيز ...»
وعاد المستر واردل يقول: «ولا تنس أنه ما كان شيء في هذا العالم ليحملني على هذا الحل، حتى ولا الإبقاء على كرامة أسرتي، لو لم أعرف أنك في اللحظة التي ستذهب فيها، والمال في جيبك هذا، ذاهب إلى الشيطان أسرع ما تكون خطى، وأعجل إذا أمكن مما كنت إليه ذاهبا، وأنت لا تملك منه شيئا.»
وعاد السيد النحيف يحتج قائلا: «يا سيدي العزيز ...!»
واستتلى واردل يقول: «اسكت يا بركر. وأنت يا سيدي انصرف من الحجرة.»
وأجاب المستر جنجل بكل صفاقة: «حالا ... وداعا يا بكوك! إلى الملتقى.»
ولو أن امرءا هادئ الطبع رأى وجه ذلك الرجل العظيم الذي وسم هذا الكلب باسمه، خلال الجزء الأخير من ذلك الحديث، لكاد يعجب لنار الغضب التي تأججت في عينيه كيف لم تذب زجاجة منظاره، فقد كان غضبه رهيبا جليلا، وخيشومه راعشا، وقبضتا يديه مجتمعتين رغم إرادته، حين سمع اسمه ينبعث من فم ذلك المجرم الأثيم، ولكنه كبح جماح غضبه مرة أخرى، فلم ... «يسحقه»!
ومضى ذلك الخائن الغليظ يقول وهو يلقي بالرخصة عند قدمي المستر بكوك: «خذ وغير الاسم، وعد بالسيدة إلى البيت، إنها تصلح لطبي ...»
وكان المستر بكوك فيلسوفا، ولكن الفلاسفة مع ذلك ليسوا إلا بشرا يلبسون دروعا تقيهم الطعن والضرب، وقد أصابه السهم، ونفذ في دروعه الفلسفية إلى صميم قلبه فأصمه، وفي جنة الغضب الذي استولى عليه راح يقذف بالدواة إلى الأمام في جنون، ويندفع هو نفسه وراءها، ولكن المستر جنجل كان قد توارى؛ فوجد المستر بكوك نفسه في أحضان «سام»!
صفحة غير معروفة