إن القلم يرتعش في يدي يا قرائي المحترمين على ذكر كلمتي لص وسارق، فذكرى المبلغ قريبة، وقطع الجاكتة جديد لم يندمل، والجيب مش فاضي بس، ومقطوع كمان! وقاكم الله شر اليد الخفيفة، فمصائبها ثقيلة لا تحتمل، وخصوصا على مالية عربجي مسكين كمحسوبكم.
حنفي
المذكرة الحادية عشر
هل رأيت الزهرة كيف تزبل أوراقها، وتسقط فتموت؟ وهل شاهدت العاصفة في طريقها تقلب الأرض ظهرا لبطن، وتنال من باسقات الشجر، وتودي بجميل الزهور، وتنهي حياة يانع الثمر؟ ألم تر - ولو بريشة مصور - كيف يفترس الثعبان فريسته؟ يضيق عليها الخناق إلى أن تقع مستسلمة لكهرباء عينيه فتلاقي حتفها.
تلك النهايات مجتمعة أقل أثرا في نفسي، وأخف روعة في قلبي من الموت بالكوكايين.
الشباب الناضر، الخدود اللامعة، والعيون البراقة، القد المعتدل، والذكاء الفياض، النفس التي تسيل حنانا، والوجه الذي يستحي أن يراق ماؤه.
كل هذا يا سيدي القارئ ينقلب إلى شيخوخة في سن الثلاثين، ووجه بهاري اللون، وعيون غائرة، وعود قد أحنته الليالي السوداء، فأورثته البلاهة والفجر، وأبدلته الحياء بصفاقة، والحنان بقلب قد من حجر أو نحت من صخر، وما هو «القاسم المشترك الأعظم» في كل هذه المصائب؟ هو هدية أوروبا لنا، الكوكو يا سيادنا.
آه لو أتيح لي أن أستعمل بدلا من القلم كرباجي، إذا لقدر الله لوجوه كثيرة أن ينزل عليها مفرقعا في الهواء، تاركا أثرا أسود على خدود ليس للدم أثر فيها.
والآن أصف لكم كيف يموت شبابنا، وتضيع تلك القوة التي هي عمادنا في المستقبل! لو تعلمون إلى أي حد انتشر لهالكم الأمر! فقد أصبحت زجاجات الكوكو مع أغلبية شبابنا ألزم من رباط الرقبة من المنديل بل من زر الطربوش.
فتراه يهون عليه أن يسير بلا رباط في رقبته، بل يقطع زر طربوشه في وسط يجمع خمسين وستين رأسا بين مطربش ومعمم «مذكر ومؤنث» ليكون أضحوكة لرفيق له اشترط أن يعطيه «شمة» بشرط قطع الزر.
صفحة غير معروفة