وجعلت الكتاب في قالب محاورات واجتماعات بين فريق من الشباب وجمهرة من القرويين يدور فيها الحديث حول هذه المواضيع.
وقد أعجب فريد بك بهذا الكتاب وهنأني بتأليفه وقال لي: «في البلاد صحافة وطنية، وينقصها التأليف الوطني، وقد سلكت هذا السبيل فاستمر فيه وفقك الله.» وقد عملت بنصيحته جهد المستطاع. (2) صلتي بفريد بك «في منفاه»
هاجر محمد فريد من مصر في تلك السنة (1912)، فاستمرت صلتي به في منفاه، وكنت أراسله وأعرب له في رسائلي عن إخلاصي له وثباتي على عهده، وزرته في منفاه بالآستانة في أغسطس سنة 1912، وشعرت بغبطة كبيرة؛ إذ رأيته في صحة موفورة ونفسية مطمئنة. وقد سافر يوم 20 أغسطس قاصدا باريس فجنيف وودعته على المحطة مع من ودعوه من المصريين، وكانت هذه آخر مرة رأيته فيها، ثم بادلته المراسلة في منفاه، وجاءتني منه عدة رسائل تفيض عطفا علي وتقديرا لي، فزادت صلتي به توثيقا وتوكيدا، منها رسالة بعث بها إلي في بطاقة بريد «كرت بوستال» من جنيف بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1912 قال فيها:
حضرة ولدنا الفاضل
سلاما وتحية. وبعد، فأخبر الأخ أني في غاية الصحة رغما عن البرد الشديد الذي نزل اليوم إلى ما تحت الصفر، وعن الثلج الشديد الذي كسا الأرض أول أمس حلة بيضاء نقية وغطى جميع الجبال المحيطة بنا، ثم أرجو تبليغ سلامي لحضرة الشقيق الأمين وباقي الإخوان، وفقكم الله وإيانا لخير العمل وعمل الخير.
محمد فريد
وأرسل إلي بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1912 الكتاب الآتي من جنيف:
جنيف في 21 ديسمبر سنة 1912
أخي الصادق رفع الله مقامه
استلمت بيد السرور جوابك رقم 14 الجاري، وأثلج صدري ما به من العبارات الدالة على الصدق والإخلاص للوطن الأسيف. لدي الآن مسألة مهمة جدا أحب أن تهتم بها أنت والإخوان، وهي أننا كنا معتادين على مساعدة جريدة «إجيبت» التي تصدر بلوندرة بمائتي جنيه سنويا دفعناها تماما في سنة 1911 ودفعنا جزءا منها في أوائل سنة 1912 وهو 40 جنيه فقط، فقام مستر بلنت وإخوانه بمصروفها إلى آخر عدد ظهر منها (ووصلني صباح اليوم) بمساعدة بعض الطلبة بإنجلترا، واليوم كتب لي المستر بلنت بعدم إمكان اللجنة القيام بنشرها ما لم ندفع لها إعانة سنوية قدرها مائتا جنيه. وفي نظري أن بقاء هذه المجلة في عالم الوجود ضروري لنا الآن؛ خصوصا وقد أصبحنا بلا لسان يعبر عن أفكارنا في مصر إلا «الشعب» وطبعا هو قصير العمر ما دامت الوزارة الحالية موجودة.
صفحة غير معروفة