348

يصيب المعاني الشريفة ، ويوصلها للقارىء بسرعة ، ولكن ليس في عباراته ، فخامة وجزالة ، وكم من كاتب يريك بألفاظه التي يربط بعضها ببعض ، ويسردها تباعا ، صولة بشدتها ، وفخامتها ، ولكنها رعد من غير مطر.

وقد لا تجد في كتاب هذا شأنه من ناحية لفظه ، الا معاني يسيرة جدا ، لا قيمة لها في مثل هذا السفر العريض الطويل.

وما اورده ابو هلال ، ناقضا على من يريد التفكيك بين البلاغة والفصاحة ، بقوله : وأراد رجل ان يسأل بعض الأعراب عن اهله ، فقال : كيف اهلك؟ بالكسر .

كيف اهلك؟ بالكسر .

فقال له الأعرابي : صلبا.

اذ لم يشك انه انما يسأله : عن السبب الذي يهلك به.

وقال الوليد بن عبد الملك لأعرابي شكا اليه ختنا له فقال : من ختنك؟ ففتح النون.

فقال : معذر في الحي.

اذ لم يشك في انه : انما يسأله عن خاتنه ، فبارد جدا.

لأن الرجل نفسه ، يعترف ان السائل والوليد جميعا ، لم يفهما مخاطبهما ما أرادا.

ومن شرط البلاغة قبل كل شيء : ايصال المعنى وافهامه ، فأين هذا من توقف البلاغة على الفصاحة؟

وكثير من الناس ، يعتبر الفصاحة والبلاغة : في قعقعة الألفاظ وسرعة جرى المتكلم بها ، من غير توقف ، وطول المقام بها في حال ان هذا اللون ، مما لا ربط له بالبلاغة ، عند نقدة الأدب والكلام. انتهى.

صفحة ٣٥٠