319

لمكان حسنه ، وحسنه مدرك بالسمع ، والذي يدرك بالسمع : انما هو «اللفظ» لأنه : صوت يأتلف من مخارج الحروف ، فما استلذه السمع منه : فهو «الحسن» وما كرهه : فهو «القبيح».

والحسن : هو الموصوف «بالفصاحة» والقبيح : غير موصوف بفصاحة لأنه ضدها ، لمكان قبحه.

وقد مثلت ذلك في المثال المتقدم : بلفظة : «المزنة ، والديمة» ولفظة : «البعاق».

ولو كانت الفصاحة لأمر يرجع الى المعنى : لكانت هذه الألفاظ في الدلالة عليه سواء ، ليس منها حسن ، ومنها قبيح ، ولما لم يكن كذلك ، علمنا : انها تخص اللفظ دون المعنى.

وليس لقائل هاهنا ان يقول : لا لفظ الا بمعنى ، فكيف فصلت انت بين اللفظ والمعنى؟

فاني : لم افصل بينهما ، وانما خصصت اللفظ بصفة هي له ، والمعنى يجيء فيه ضمنا وتبعا.

الوجه الثاني : ان وزن فعيل هو اسم فاعل ، من فعل بفتح الفاء ، وضم العين نحو : كرم فهو كريم ، وشرف فهو شريف ، ولطف فهو لطيف ، وهذا مطرد في بابه.

وعلى هذا : فان اللفظ الفصيح هو : اسم فاعل من فصح فهو فصيح ، واللفظ : هو الفاعل للابانة عن المعنى ، فكانت الفصاحة مختصة به.

فان قيل : انك قلت : ان الفصيح من الألفاظ : هو الظاهر البين ، اي : المفهوم ، ونرى من آيات «القرآن» ما لا يفهم ما تضمنه من المعنى

صفحة ٣٢١