الصفات القديمة عنه تعالى.
ثم انهم توغلوا في علم الكلام ، وتشبثوا بأذيال الفلاسفة في كثير من الاصول ، وشاع مذهبهم فيما بين الناس وقال بعض المحققين : ولا يزال الأمر كذلك إلى أن خالف الشيخ ابو الحسن الأشعري مع استاده أبي علي الجبائي في مسألة ذكرها شارح العقائد ، فترك الأشعري مذهبه واشتغل هو ومن تابعه بابطال رأي المعتزلة وإثبات ماوردت به السنة وجرى عليه الجماعة. وهذا صريح في ان مخالفة المعتزلة مع أهل السنة المسمين بالأشاعرة إنما هي في ظواهر السنة» انتهى باختصار.
وقال في شرح المواقف : «انه دخل على حسن البصري رجل فقال : يا امام الدين ظهر في زماننا جماعة يكفرون صاحب الكبيرة والخوارج ، وجماعة اخرى يرجئون صاحب الكبائر ويقولون : لا يضر مع الايمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، فكيف تحكم لنا ان نعتقد في ذلك؟
فتفكر الحسن ، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطا : وأنا لا أقول ان صاحب الكبيرة مؤمن مطلق ولا كافر مطلق ، ثم قام إلى أسطوانة من اسطوانات المسجد ، وأخذ يقرر على جماعة من أصحاب الحسن ما أجاب به من أن مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر ، ويثبت له المنزلة بين المنزلتين قائلا : ان المؤمن إسم مدح ، والفاسق لا يستحق المدح ، فلا يكون مؤمنا ، وليس بكافر أيضا لاقراره بالشهادتين ، ولوجود سائر أعمال الخير فيه ، فاذا مات بلا توبة خلد في النار ، إذ ليس في الآخرة إلا فريقان : فريق في الجنة وفريق في السعير ، لكن يخفف عليه فيكون دركته في النار فوق دركات الكفار. فقال الحسن : قد إعتزل عنا من هو داخل فينا ، فلذلك سمي هو واصحابه معتزلة.
صفحة ٢٠