يأتى سوق عكاظ في الموسم ، فتضرب له قبة حمراء من الادم ، فتأتيه الشعراء تعرض عليه اشعارها ، ليحكم فيها.
ولذلك اقتضت الحكمة : ان يخص نبي الاسلام (ص)، بمعجزة البيان وبلاغة القرآن ، فعلم كل عربي : ان هذا من كلام الله ، وانه خارج ببلاغته عن طوق البشر ، واعترف بذلك كل عربى غير معاند.
وقد كانت للنبي (ص) معجزات اخرى غير القرآن : كشق القمر ، وتكلم الثعبان ، وتسبيح الحصى.
ولكن القرآن أعظم هذه المعجزات شأنا ، واقومها بالحجة ، لأن العربى الجاهل بعلوم الطبيعة واسرار التكوين. قد يشكك في هذه المعجزات وينسبها الى اسباب علمية يجهلها ، واقرب هذه الاسباب الى ذهنه هو السحر فهو ينسبها اليه.
ولكنه لا يشكك في بلاغة القرآن واعجازه ، لانه يحيط بفنون البلاغة ويدرك اسرارها.
على ان تلك المعجزات الاخرى موقتة ، لا يمكن لها البقاء ، فسرعان ما تعود خبرا من الأخبار ، ينقله السابق للاحق ، وينفتح فيه باب التشكيك.
اما القرآن فهو باق الى الأبد ، واعجازه مستمر مع الأجيال ، انتهى.
وقد قال الفيض صاحب الوافي ، نقلا عن الكافي : ان ابن السكيت قال لأبى الحسن (ع): لماذا بعث الله موسى بن عمران (ع) بالعصا ، ويده البيضاء ، وآلة السحر؟ وبعث عيسى (ع) بآلة الطب؟
صفحة ١٨١