السحرة أسرع الناس الى تصديق ذلك البرهان ، والاذعان به ، حين رأوا العصا تنقلب ثعبانا ، وتلقف ما يأفكون ، ثم ترجع الى حالتها الأولى.
رأى علماء السحر ذلك ، فعلموا انه خارج عن حدود السحر ، وآمنوا بأنه معجزة إلهية. واعلنوا ايمانهم في مجلس فرعون ، ولم يعبأوا بسخط فرعون ، ولا بوعيده.
وشاع الطب اليوناني في عصر المسيح (ع)، وأتى الأطباء في زمانه بالعجب العجاب ، وكان للطب رواج باهر في سوريا وفلسطين لأنهما كانتا مستعمرتين لليونان.
وحين بعث الله نبيه المسيح (ع) في هذين القطرين : شاءت الحكمة ، ان تجعل برهانه شيئا يشبه الطب ، فكان من معجزاته ان يحيي الموتى ، وان يبرئ الأكمه والأبرص ، ليعلم اهل زمانه ، ان ذلك شىء خارج عن قدرة البشر ، وغير مرتبط بمبادي الطب ، وانه ناشئ عما وراء الطبيعة.
واما العرب : فقد برعت في البلاغة ، وامتازت بالفصاحة ، وبلغت الذروة في فنون الأدب ، حتى عقدت النوادي ، واقامت الاسواق للمبارات في الشعر والخطابة ، فكان المرء يقدر على ما يحسنه من الكلام.
وبلغ من تقديرهم للشعر : ان عمدوا لسبع قصائد من خيرة الشعر القديم ، وكتبوها بماء الذهب في الفياطي ، وعلقت على الكعبة.
فكان يقال : هذه مذهبة فلان ، اذا كانت اجود شعره.
واهتمت بشأن الأدب رجال العرب ونساؤهم. وكان (النابغة الذبياني) هو الحكم في شعر الشعراء.
صفحة ١٨٠