إلي ذلك ما ذكر في خطبة كتابه حيث قال أني نظرت في الآثار المروية عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بالأسانيد المقبولة التي تقلها ذوو التثبت فيها والأمانة عليها وحسن الأداء لها فوجدت فيها أشياء مما سقطت معرفتها والعلم بما فيها عن أكثر الناس فمال قلبي إلي تأملها زتبيان ما قدرت عليه من مشكلها زمن استخراج الأحكام التي فيها ومن نفي الإحالات عنها وأن جعل ذلك أبوابا ذكر في كل باب منها ما يهب الله لي من ذلك فيها حتي أبين ما قدرت عليه منها كذلك ملتمسا ثواب الله ﷿ عليه.
ولقد أثابه الله علي ذلك ثوابا جزيلا وكان كتابه بكثرة تطريقه الحديث وتدقيق الكلام فيه حرصا علي التناهي في البيان علي غير ترتيب نظام لم يتورخ فيه ضم باب إلي شكله ولا الحاق نوع بجنسه فتجد أحاديث الوضوء فيه متفرقة من أول الديون إلي آخره وكذلك أحاديث الصلاة والصيام وسائر الشرائع والأحكام تكاد أن لا تجد فيه حديثين متصلين من نوع واحد فصارت بذلك فوائد والطائفة منتشرة متشتتة فيه يعسر استخراجها منه إن أراد طالب أن يقف علي معني بعينه لم يجد ما يستدل به علي موضعه إلا بعد تصفح جميع الكتاب وإن ذهب ذاهب إلي تحصيل بعض أنواعه افتقر في ذلك إلي تحفظ جميع الأبواب فقصدت جميع فوائده والتقاط فرائده في مختصر وبقيت متردد في جمعه بين الإقدام الإحجام لصعوبة مدركه علي مثلي مع قلة بضاعتي وكثرة مخالطتي إلي أن ظفرت بمختصر "كتاب مشكل الآثار"اختصارا بديعا ضم كل نوع فيه إلي نوعه والحق كل شكل منه بشكله ورتبه ترتيبا حسنا حذف أسانيد الأحاديث وتطريقها واختصر كثير من ألفاظه من غير أن يخل بشئ من معانيه وفقهه يسهل علي الطالب تفظه ويتيسر عليه فهمه وتفحصه فشكرت الله علي ذلك وتحققت أن الله تعالي بإجابة دعائي ويسر علي ما عسر علي كثير من أمثالي فشمرت ساعد الإجتهاد وتيقنت بأن هذا الشئ يراد
1 / 3