154

المعتصر من المختصر من مشكل الآثار

الناشر

(عالم الكتب - بيروت)،(مكتبة المتنبي - القاهرة)

مكان النشر

(مكتبة سعد الدين - دمشق)

الصيام مع الملابسة بالأعمال المتقرب بها إلى الله أفضل ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: "ألم أنبأ أنك تصوم الدهر وتقوم الليل" قلت: إني أقوى، قال: "إنك إذا فعلت ذلك نفهت له النفس وهجمت له العين" إلى أن قال: "فصم صوم أخي داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى" فأخبر أن داود مع صيامه هذا كان لا يفر إذا لاقى لبقاء قوته ولم يخرجه الصوم عما كان عليه من القوة بخلاف غيره لما يدخل على نفسه من الضعف في بدنه الذي يقطعه عن ذلك كما روى عن أنس قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في سفر فنزلنا في يوم شديد الحر فمنا الصائم ومنا المفطر وأكثرنا ظلالا صاحب الكساء ومنا من يستتر من الشمس بيده فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله ﷺ: "ذهب المفطرون بالأجر اليوم" وفي هذا كشف للمعاني الذي ذكرناها فيما تقدم.
في "شهرا عيد لا ينقصان" عن خلد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: "شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة" يعني العبادة فيهما كاملة تامة في الصوم والحج وإن كانا ناقصين في العدد كما لها فيهما لو كانا ثلاثين ثلاثين ولا يصح حمله على نقصان العدد لوجود النقصان فيهما عددا وفي أحدهما دون الآخر مع أن قوله ﷺ: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته" الحديث يحقق النقصان في بعض السنين وروى هذا الحديث عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي بكرة على خلافه فقال فيه كل شهر حرام ثلاثون يوما وثلاثون ليلة وليس بشيء لأن عبد الرحمن ابن إسحاق لا يقاوم خالد الحذاء ولأن العيان يدفعه قال القاضي ولو صح لكان معناه في الأجر والثواب ويحتمل أن يكون شهرا عيد لا ينقصان كان في عام بعينه ويحتمل أن يكون على الأعم الأغلب لأنهما لا يجتمعان ناقصين في عام واحد إلا نادرا والله أعلم.

1 / 151