المعتمد في أصول الفقه

أبو الحسين البصري ت. 436 هجري
96

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

ﷺ َ - بَاب فِي الْأَمر بالشَّيْء هَل هُوَ نهي عَن ضِدّه دَال على قبحه أم لَا ﷺ َ - ذهب قوم إِلَى أَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه وَخَالفهُم أخرون على ذَلِك وَإِلَيْهِ ذهب قَاضِي القاضة واصحابنا وَالْخلاف فِي ذَلِك إِمَّا فِي الِاسْم وَإِمَّا فِي الْمَعْنى فَالْخِلَاف فِي الِاسْم أَن يسموا الْأَمر نهيا على الْحَقِيقَة وَهَذَا بَاطِل لِأَن أهل اللُّغَة فصلوا بَين الْأَمر وَالنَّهْي فِي الِاسْم وَسموا هَذَا أمرا وَسموا هَذَا نهيا وَلم يستعملوا اسْم النَّهْي فِي الْأَمر فَإِن استعملوه فِيهِ فقليل نَادِر وَالْخلاف فِي الْمَعْنى من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يُقَال إِن صِيغَة لَا تفعل وَهُوَ النَّهْي مَوْجُودَة فِي الْأَمر وَهَذَا لَا يَقُولُونَهُ لِأَن الْحس يَدْفَعهُ وَالْآخر أَن يُقَال إِن الْأَمر نهي عَن ضِدّه فِي الْمَعْنى من جِهَة أَن يحرم ضِدّه وَهَذَا يكون من وُجُوه مِنْهَا أَن يُقَال إِن صِيغَة الْأَمر تَقْتَضِي إِيقَاع الْفِعْل ونمنع من الْإِخْلَال بِهِ وَمن كل فعل يمْنَع من فعل الْمَأْمُور بِهِ فَمن هَذِه الْجِهَة يكون محرما لضد الْمَأْمُور بِهِ وَهَذَا قد بَينا صِحَّته من قبل وَمِنْهَا أَن يُقَال إِن الْأَمر يَقْتَضِي الْوُجُوب لدَلِيل سوى هَذَا الدَّلِيل فاذا تجرد الْأَمر عَن دلَالَة تدل على أَن أحد أضداد الْمَأْمُور بِهِ يقوم مقَامه فِي الْوُجُوب اقْتضى قبح أضداده إِذْ كل وَاحِد مِنْهَا يمْنَع من فعل الْمَأْمُور بِهِ وَمَا منع من فعل الْوَاجِب فَهُوَ قَبِيح وَهَذَا الْوَجْه أَيْضا فَهُوَ صَحِيح إِذا ثَبت أَن الْأَمر يدل على الْوُجُوب وَمِنْهَا أَن يُقَال إِن الْأَمر يدل على كَون الْمَأْمُور بِهِ ندبا فَيَقْتَضِي أَن الأولى أَن لَا يفعل ضِدّه كَمَا أَن النَّهْي على طَرِيق التَّنْزِيه يَقْتَضِي أَن الأولى أَن لَا يفعل

1 / 97