المعتمد في أصول الفقه

أبو الحسين البصري ت. 436 هجري
94

المعتمد في أصول الفقه

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

للمكلف اصْعَدْ السَّطْح إِن كَانَ السّلم مَنْصُوبًا وَهَذَا يَقْتَضِي وجوب الصعُود إِن كَانَ السّلم مَنْصُوبًا لِأَن الْأَمر تنَاول الْمُكَلف بِهَذَا الشَّرْط وَقد حصل الشَّرْط وَلَا يتَنَاوَل الْمُكَلف مَعَ فقد الشَّرْط فَلم يُوجب عَلَيْهِ صعُودًا كساير مَا لَا يتَنَاوَلهُ الْأَمر وَإِذا لم يُوجب عَلَيْهِ الصعُود لم يُوجب عَلَيْهِ نصب السّلم وَالضَّرْب الآخر أَن يرد الْأَمر مُطلقًا نَحْو أَن يُقَال للمكلف اصْعَدْ السَّطْح فان هَذَا الْأَمر يُوجب عَلَيْهِ الصعُود وَتَقْدِيم نصب السّلم يدل على ذَلِك أَن الْأَمر الْمُطلق يَقْتَضِي إِيقَاع الْفِعْل لَا محَالة مَتى أمكن إِيقَاعه وَإِذا اقْتضى ذَلِك اقْتضى إِيقَاع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْفِعْل وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْمُطلق يَقْتَضِي إِيقَاع الْفِعْل على كل حَال لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُقَيّدا بِوَقْت نَحْو أَن يُقَال اصْعَدْ السَّطْح فِي هَذَا الْوَقْت فانه يجْرِي مجْرى أَن نقُول لَهُ لَا يخرج هَذَا الْوَقْت إِلَّا وَقد صعدت السَّطْح على كل حَال مَتى تمكنت الصعُود إِذْ لَيْسَ فِي لفظ الْأَمر ذكر الشَّرْط وَلَو قيل لَهُ ذَلِك لزمَه الصعُود على كل حَال وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن هَذَا يَقْتَضِي وجوب نصب السّلم لِأَنَّهُ لَو لم يجب نصب السّلم بل كَانَ مُبَاحا أَن لَا ينصبه لَكَانَ الْأَمر كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ مُبَاح أَن لَا تنصب السّلم وواجب عَلَيْك مَعَ فقد السّلم وَغَيره أَن تصعد وَذَلِكَ تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق فَإِن قيل لَيْسَ يَخْلُو الْأَمر بالصعود إِمَّا أَن يكون مَشْرُوطًا بِنصب السّلم أَو غير مَشْرُوط بِهِ فَإِن كَانَ مَشْرُوطًا بِهِ فَهُوَ قَوْلنَا وَيجب إِذا لم يكن السّلم مَنْصُوبًا أَن لَا يكون مُتَوَجها إِلَى الْمُكَلف وَلَا يلْزمه نَصبه وَإِن كَانَ غير مَشْرُوط بِوُجُود السّلم فَذَلِك تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وَالْجَوَاب أَنا لَا نعقل من قَوْلهم إِن الْأَمر بالصعود مَشْرُوط بِنصب السّلم إِلَّا أَنه يتَنَاوَل الْمَأْمُور عِنْد نصب السّلم وَلَا يتَنَاوَلهُ إِذا لم يكن السّلم مَنْصُوبًا وَهَذَا مَوضِع الْخلاف لأَنا نقُول إِن الْأَمر يتَنَاوَل الْمَأْمُور سَوَاء كَانَ السّلم مَنْصُوبًا أَو غير مَنْصُوب وَلَيْسَ فِي ذَلِك تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق لأَنا نقُول إِن الْأَمر اقْتضى وجوب نصب السّلم وَهُوَ مُمكن للمكلف وَلَوْلَا صِحَة مَا ذَكرْنَاهُ لَكَانَ كل من أَمر غُلَامه بحاجة فِي السُّوق وَهُوَ فِي الْبَيْت أَن يكون إِنَّمَا أمره بذلك إِن حصل فِي أقرب

1 / 95