المعتمد في أصول الفقه
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
قَوْله افْعَل فَهُوَ أَن ذَلِك صَوَاب غير أَن قَوْله افْعَل يَقْتَضِي ظَاهره أَن يفعل لَا محَالة وَالَّذِي يُطَابق ذَلِك هُوَ الْإِرَادَة وَالْكَرَاهَة لضد الْفِعْل فَعَلَيْهِم إِفْسَاد ذَلِك حَتَّى يتم دليلهم
وَرُبمَا استدلوا على أَن الْأَمر لَيْسَ على الْوُجُوب بِأَن السُّلْطَان قد يَأْمر بالْحسنِ وبالقبيح ويوصفان بِأَنَّهُمَا مَأْمُور بهما على الْحَقِيقَة ويوصف السُّلْطَان بِأَنَّهُ أَمر على الْحَقِيقَة فَلَو كَانَ الْأَمر يُفِيد الْوُجُوب لما وصف هذَيْن بِأَنَّهُمَا مَأْمُور بهما وَالْجَوَاب أَن هَذَا إِنَّمَا يدل على أَن لَفْظَة افْعَل مَتى صدرت من مُرِيد للْفِعْل كَانَت أمرا على الْحَقِيقَة وَلَا تدل على أَن صيغها الَّتِي هِيَ قَول الْقَائِل افْعَل مَا وضعت للْوُجُوب وَقد بَينا فرق مَا بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَرُبمَا قَالُوا لَو اقْتَضَت الْوُجُوب لكَانَتْ إِذا تناولت الْقَبِيح جعلته وَاجِبا وَهَذَا إِنَّمَا يفْسد بِكَوْنِهَا جاعلة للْفِعْل وَاجِبا ولسنا نقُول ذَلِك بل نقُول إِنَّهَا مَوْضُوعَة لاقْتِضَاء الْفِعْل لَا محَالة والمتكلم بهما قد طلب الْفِعْل لَا محَالة فاذا كَانَ حكيما يَسْتَحِيل عَلَيْهِ الْمَنَافِع والمضار علمنَا أَن الْفِعْل مِمَّا يجب أَن يفعل لَا محَالة وَلَا يلْزم إِذا اسْتعْملت فِي غير الْإِيجَاب أَن لَا تكون مَوْضُوعَة لَهُ لِأَنَّهَا مستعملة فِي غير الْإِرَادَة وَلَا يمْنَع ذَلِك عِنْدهم من وَضعهَا لَهَا وَصِيغَة الْعُمُوم قد تسْتَعْمل فِيمَا دون الِاسْتِغْرَاق وَلَا تدل على أَنَّهَا مَا وضعت للاستغراق ﷺ َ - بَاب فِي صِيغَة الْأَمر الْوَارِدَة بعد حظر ﷺ َ -
اعْلَم أَنَّهَا إِذا وَردت بعد حظر عَقْلِي أَو شَرْعِي أفادت مَا تفيده لَو لم يتقدمها حظر من وجوب أَو ندب وَقَالَ جلّ الْفُقَهَاء إِنَّهَا تفِيد بعد الْحَظْر الشَّرْعِيّ الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق
وَدَلِيلنَا أَن صِيغَة الْأَمر إِنَّمَا وَجب أَن تحمل على الْوُجُوب لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لَهُ وَقد صدرت من حَكِيم وتجردت عَن دلَالَة تدل على أَنَّهَا مستعملة فِي غَيره
1 / 75